نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 1 صفحه : 388
المسلك الأول [1]. و كذلك قد يشتد صفا نفس
بعض الناس بحيث يقرب اتصالها بالعقول و النفوس العلوية، بحيث يطلع على الأشياء الغيبية
من غير واسطة، و لا بعلم؛ فيسمع من الأصوات و يرى من الصور ما لا يسمعه، و لا يراه
من ليس من أهل منزلته من البشر على نحو ما يسمعه و يراه النائم في منامه؛ فيكون حاله
إذ ذاك نازلة منزلة ما لو أوحى الله: بأن الأمر الفلانى كذا، و كذا؛ و لا منازعة في
الإطلاقات بعد فهم المعنى.
سلمنا أنه لا بدّ من ثبوت صفة نفسانية؛ و
لكن ذلك لا يسمى كلاما؛ إذ الكلام في اللغة: عبارة عن الأصوات، المقطعة، المنتظمة،
الدالة بالوضع دلالة مفيدة- و بتقدير أن يسمى ذلك كلاما؛ فالمعقول من الصفات النفسانية
غير خارج عن القدرة، و الإرادة، و التميز الحاصل للنفس الحيوانية بالحواس الباطنة؛
و ذلك كما تتصوره القوة الخيالية من شكل الفرس عن شكل الحمار، و نحوه. و ما تتصوره
القوة الوهمية من المعنى الّذي يوجب للشاة نفرتها من الذئب، و نحوه. و التميز الحاصل
للنفس الناطقة الإنسانية بالقوة النظرية التى بها إدراك الأمور الكلية بالفكرة، و الروية:
و ذلك كتصورنا معنى الإنسان من حيث هو إنسان، و حكمنا عليه بأنه حيوان و نحوه [2]-
فإن أريد به القدرة، أو الإرادة؛ فذلك غير خارج عما سبق إثباته من الصفات.
و إن أريد به التمييز، و التصور الحاصل للنفس
الحيوانية [3]، و الإنسانية [3]؛ فذلك أيضا غير خارج عن قبيل العلوم.
كيف: و أنه بتقدير أن يراد به التميز الحاصل
بالحواس الباطنة؛ فإن إدراكها لذلك لا يكون إلا بانطباع الصور المحسوسة أولا، في إحدى
الحواس الظاهرة الخمس، ثم بتوسطها في الحس المشترك: و هى القوة المترتبة في مقدم التجويف
الأول من الدماغ على نحو انطباع الصور في الأجرام الثقيلة المتقابلة، ثم بتوسطها/ فى
المفكرة، ثم في الوهمية، ثم في الحافظة [4]. و بعض هذه القوى و إن لم يفتقر في الانطباع
إلى حضور المادة: كالحس المشترك، و المفكرة، و الوهمية، و الحافظة؛ فهى لا تنفك في
الانطباع
[1] انظر ل 83/ أ. [2] فى ب (ناطق). [3] فى ب (الإنسانية و الحيوانية). [4] قارن ما أورده هنا بما أورده في غاية
المرام ص 92، 93 و المبين ل 12/ ب.
نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 1 صفحه : 388