نام کتاب : أبكار الأفكار في أصول الدين نویسنده : الآمدي، سيف الدين جلد : 1 صفحه : 209
و أما الثانى: فطريقه أن يقال: لو لم يلزم
من انتفاء الدليل انتفاء المدلول؛ لما ثبت المدلول عند وجود دليله؛ لاحتمال أن يكون
الغلط واقعا فيه؛ مع عدم الدليل عليه، و لجاز أن يكون بين أيدينا جبال شامخة، و أمور
هائلة، و إن كنا لا نحس بها، و لا قام الدليل على وجودها؛ و هو ممتنع.
و هو أيضا: غير يقينى؛ فإنه لا يلزم من البحث
و السبر العلم بعدم الدليل؛ بل غايته عدم العلم بالدليل، و لا يلزم من عدم العلم بالدليل؛
عدم الدليل في نفسه.
سلمنا: أنه يلزم منه عدم الدليل في نفسه؛
غير أنه يلزم من انتفاء دليل النفى؛ انتفاء النفى؛ لما قررتموه، و نفى النفى ثبوت؛
فانتفاء أدلة النفى من جملة أدلة الإثبات.
و عند ذلك: فإن ادعى نفى بعض [أدلة] [1]
الإثبات؛ فلا يلزم منه عدم الإثبات؛ لجواز ثبوته بدليل آخر.
و إن ادعى انتفاء جميع أدلة الإثبات؛ حتى
يدخل فيها انتفاء أدلة النفى؛ فقد سلّم أن دليل النّفى؛ غير منتف؛ فيكون ثابتا. و عند
ذلك فيكون النفى محالا على دليله، لا على عدم دليل الإثبات.
سلمنا: انتفاء جميع أدلة الإثبات؛ و لكن
لا نسلم أنه يلزم منه عدم المدلول، فإنا لو قدرنا أنه لا دليل على وجود الإله غير حدوث
الحوادث، و قدرنا عدم حدوث الحوادث؛ لم يلزم منه عدم الإله تعالى.
و أما العلم بانتفاء الغلط، عند العلم بلزوم
المدلول عن النظر الصحيح؛ فمستند إلى دليل انتفاء الغلط؛ و هو العلم بالمقدمات البديهية،
أو المستندة إلى البديهيات، لا إلى عدم دليل الغلط، و العلم بعدم الجبال الشامخة بين
أيدينا إذا لم تكن محسوسة؛ فبديهى. لا أنه مستند إلى العلم بانتفاء دليل الوجود و إلا
كان نظريا.
سلمنا: دلالة ما ذكرتموه على عدم المدلول؛
و لكنه معارض بما يدل على أنه غير معدوم: و هو انتفاء دليل العدم على ما قررتموه، و
لا سبيل إلى الجمع بين الوجود و العدم، و لا سبيل إلى الترجيح؛ لعدم الأولية.