نام کتاب : النظرية المهدوية في فلسفة التاريخ نویسنده : الأسعد بن علي قيدارة جلد : 1 صفحه : 101
مع تشعبّ المجتمع الأوّل وتكاثر أفراده وتعمّق الفروقات وبروز التنوّعات وتعدّد الميولات والأذواق بدأت الخلافات تشبّ بين أفراد المجتمع الإنساني وتهدّد وحدته ومساره الصحيح ، واحتاج الناس لأجل تصحيح المسيرة إلى عامل خارجي فكانت النبوات التشريعية التي جاءت لحلّ الخلافات ، وكانت إيذاناً ببدء مرحلة جديدة : مرحلة التشتّت.
الإنسان اجتماعي بالفطرة ، فالفطرة تدعوه للتعاون والاجتماع ، وهذه الفطرة كما تدعوه للاجتماع تدعوه لتقديم حاجاته ومصالحه الفردية ، فكما أنّ الفطرة دعته للاجتماع والائتلاف كانت هي السبب في الخلافات.
يقول صاحب الميزان في تفسير الآية : ـ إنّ الإنسان ـ وهو نوع مفطور على الاجتماع والتعاون ـ كان في أوّل اجتماعه أُمّة واحدة ثمّ ظهر فيه بحسب الفطرة الاختلاف في اقتناء المزايا الحيوية ، فاستدعى ذلك وضع قوانين ترفع الاختلافات الطارئة ، والمشاجرات في لوازم الحياة فألبست القوانين الموضوعة لباس الدين ، وشفّعت بالتبشير والإنذار : بالثواب والعقاب ، وأصلحت بالعبادات المندوبة إليها ببعث النبيين ، وإرسال المرسلين ، ثمّ اختلفوا في معارف الدين أو أمور المبدأ والمعاد ، فاختلّ بذلك أمر الوحدة الدينية وظهرت الشعوب والأحزاب ، وتبع ذلك الاختلاف في غيره ، ولم يكن هذا الاختلاف الثاني إلا بغياً من الذين أوتوا الكتاب ، وظلموا عتواً منهم بعدما تبيّن لهم أصوله ومعارفه وتمّت عليهم الحجّة ، فالاختلاف اختلافان : اختلاف في أمر الدين مستند إلى بغي الباغين دون فطرتهم وغريزتهم ، واختلاف في أمر الدين ، وهو فطري وسبب لتشريع الدين ـ [١].
[١] محمّد حسين الطباطبائي ، الميزان في تفسير القرآن ، ج ٢ ، ص ١١٣.
نام کتاب : النظرية المهدوية في فلسفة التاريخ نویسنده : الأسعد بن علي قيدارة جلد : 1 صفحه : 101