طالب أوقع على الموت ، أم وقع الموت عليه [١] ، أمّا الإنسان الذي يتردّد ، ويكون له في كلّ يوم شأن فإنّه إنسان متعلّق بالدنيا ، وهو يخشى على نفسه من الموت.
ومن أجل تكريس الوحدة والمحافظة عليها وبقائها ، لابدّ أن يكون هناك تجمّع من المؤمنين الصالحين الذين يشبهون إلى حد بعيد الهيكل الحديدي الذي يدعم بناء الأُمّة ، ويحول دون انهيارها ؛ هؤلاء المؤمنون يمثّلون التجمّع الطليعي ، والتنظيم القيادي ، والمجموعة التي نذرت نفسها في سبيل الله تعالى ، وهم الصنف الأوّل الذي يشير إليه أمير المؤمنين عليه السلام في قوله : الناسُ ثلاثةُ : عالمٌ ربّانيّ ، ومتعلّمٌ على سبيل نجاةٍ ، وهمج رعاع [٢].
وهذا التجمّع القوي في داخل الأُمّة يمثّل في الواقع قدرة الأُمّة على المقاومة ، فكلّما ضعفت نية أو خارت عزيمة بادر هذا التجمّع إلى تدارك ذلك بالنصيحة والتوجيه والعمل والتحريض ، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا التجمّع في قوله : (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[٣].
ولا يغيب عنّا أنّ هذه الوحدة لا يمكن لها أن ترى النور من دون تضحيات ، فالواجب علينا أن نخرج من أنانياتنا ، ونضحّي بمصالحنا ، بل وحتّى بمستقبلنا من أجل مصلحة المجموع ، فأيّ بناء لابدّ أن يقوم على أساس رصين ، والتضحيات هي هذا الأساس.
عقبات في الطريق
ونحن ـ كأُمّة ـ عشنا إلى الآن ألواناً من التفرقة ، فهناك تفرقة طائفية