responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المسلمون في النرويج نویسنده : هدى علي الجابري    جلد : 1  صفحه : 50
واحدة حتى تشكل مرحلة تاريخية حتمية يجب أن تتجه نحوها كلّ الشعوب، فالحداثة كما تحققت في الغرب هي مجرد صورة من صور حركات التاريخ الممكنة، إنها تمثل الصورة المنحرفة لحركة التاريخ، لذلك يجب التمييز ـ في نظر الشهيد الصدر ـ بين الحداثة كتقدم وبين التغريب، أي تقليد الحضارة الغربية بصورة آلية دون إعادة النظر في أسس وقيم هذه الحضارة، فالعقلانية والحرية والعدالة واحترام إنسانية الإنسان ليست قيماً غربية، بل هي قيم كونية تستمد وجودها من تطلع الإنسان عبر التاريخ إلى الكمال، وهكذا فالغرب قد أعطى للحداثة صورة خاصة انتهت إلى أزمة حضارية شاملة، ويمكن لحضارة أخرى أن تعطي صورة أخرى واتجاهاً آخر للحداثة وللتقدم. والإسلام هو البديل الوحيد في هذا المجال في نظر الشهيد الصدر.

إحساس الغرب بالحاجة للأخلاق وعجزه عن الحل:

يقول ألان تورين:

إن حركة التاريخ جعلت من هذا العصر عصر طرح التساؤلات عن الأساس الأخلاقي للمشاكل الناجمة عن التقدم المنفصل عن القيم الروحية. لقد بدأ الفكر الغربي يتساءل عن معنى التقدم ومعنى الحياة نتيجة للأزمات الاجتماعية الملازمة لأزمة الحضارة المعاصرة. فكثير من المفكرين الغربيين يرون أن رجوع الفكر الغربي إلى الأخلاق أصبح مسألة حياة أو موت: خطر الأسلحة النووية والكيمياوية، التلوث... الخ هذه المظاهر كلها تدفع بالبشرية نحو الفناء، لذلك أصبح تقييم التقدم حالة ضرورية بالنسبة للمفكرين في الغرب.

إلا أن هذا اللجوء إلى الأخلاق لا يكفي لحل الأزمة في نظر الشهيد الصدر، فالفلسفة الأخلاقية في الغرب هي بدورها انعكاس لأزمة الحضارة. وهنا يطرح الشهيد الصدر مشكلة مصدر القيم الضرورية لتجاوز الأزمة الشاملة للحضارة الغربية، فالفلسفة الأخلاقية والاجتماعية التي يسعى الغرب عن طريقها لحلّ الأزمة هي فلسفة تفصل الأخلاق عن التعالي، ولذلك فكونية هذه القيم التي تطرحها الفلسفة الغربية هي كونية مزيفة، والقيم والمفاهيم التي تطرحها هذه الفلسفة هي في كثير من جوانبها مجرّد انعكاس للأزمة، يقول الشهيد الصدر محللا تحليلا نقدياً لاتجاهات الفكر الغربي: " إنّ كلّ هذه الاتجاهات ذات الطابع العلمي أو الفلسفي هي قبل كلّ شي تعبير عن واقع نفسي عام، وشعور حاد لدى إنسان الحضارة الحديثة بالصراع ".

علم الاجتماع لا يملك الحل:

هذه الأسئلة أصبحت موضوعاً لعلم الاجتماع، وهو علم يدرس الواقع كما هو. التفكير الوضعي أصبح مجرّد انعكاس للواقع، ولا يطرح مشكلة مصير الإنسانية في كل أبعادها، فمشكلة المصير عندما تطرح فهي لا تتعدى المصير الدنيوي. لقد انتقد نتيشه بصورة جذرية الفكر الغربي خاصة القيم الأخلاقية، وتساءل عن مصير الإنسان عن غاية الحياة الإنسانية، ولكنه بسبب انقطاع فلسفته عن الغيب، بقي منحصراً ضمن معطيات الفكر الغربي، فالمثل الأعلى الذي تصوره نيتشه هو الإنسان الأعلى، وليس هذا المثل الأعلى إلا رد فعل للأخلاق المسيحية كما

نام کتاب : المسلمون في النرويج نویسنده : هدى علي الجابري    جلد : 1  صفحه : 50
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست