المبحث الاول

حرية الرأي والتعبير

من السمات الواضحة في تجربة الامام علي بن ابي طالب السياسية ، هو سعيه (ع) الحثيث نحو ايجاد وتوسيع دائرة الحرية السياسية وفتح سبل التعبير سواء بحرية القول والفكر والراي ام بالعمل وتبني المواقف ازاء الاحداث السياسية . فقد كفل الامام حق اختيار الخط السياسي لكل مواطن في اصقاع دولته وشملت هذه الحرية حتى مناوئيه وفق رؤية كاتب معاصر تذهب الى اعطاء الحرية السياسية في ظل مبدأ : "دعوهم وما اختاروا لانفسهم"[1] . وكتب في عهده للاشتر : "والزم كل منهم [ المحسن والمسيئ] ما الزم نفسه"[2]. ويشير المفكر محمد حسين فضل الله إلى هذا البعد في مسيرة الامام بأنه(ع)" كان يفتح باب الحوار امام الافراد والجماعات حرصا منه على حرية المجتمع واسباب تطوره ، بمعنى انه لم يعزل الحرية الفردية عن الحرية العامة في مجرى قيادته لشؤون المجتمع الاسلامي . وفي اصعب المحن التي مرت بها خلافة الامام علي ظل تمسكه المبدئي الصارم بالحرية ورفضه الحاسم للاكراه من اي نوع كان "[3] .

فاذا قسمنا الحرية فردية وجماعية ، فسنقتصر في هذا المبحث على الحقوق الفردية تاركين النوع الثاني أي الممارسة الجماعية الى مبحث اخر[4] ، وسنبحث محاور الموضوع كالاتي:

[1] خالد محمد خالد ، في رحاب الامام علي (ع) ، (القاهرة ، دار الاسلام ، د . ت ) ص ص124 -125. حول هذا المبدأ ينظر : ابن ابي الحديد ، مصدر سابق ، ج13 ، ص309 ، ص311 .

[2] الشريف الرضي (الجامع) ، نهج البلاغة ، تعليق وفهرسة د. صبحي ، مصدر سابق ، كتاب 53 . ص551.

[3] فضل الله ، علي ميزان الحق ، مصدر سابق ، ص6

[4] ينظر : المبحث الرابع من هذا الفصل .