وذكر ابن أبي الحديد[2] ـ نقلا عن أبي الفرج الأصبهاني ـ كيفـيّـة الواقعة بنحو ما عرفت ، وقال في آخرها : " فلمّا رأى عمر زياداً مقبلا قال : إنّي لأرى رجلا لن يُخزي الله على لسانه رجلا من المهاجرين .
ثمّ قال أبو الفرج : وفي حديث أبي زيد عمر بن شـبّة[3] ، عن السريّ ، عن عبـد الكريم بن رشـيد ، عن أبي عثمان النهدي ، أنّه لمّا شهِد الأوّل عند عمر ، تغـيّر لذلك لون عمر .
ثمّ جاء الثاني ، فشهِد ، فانكسر انكساراً شديداً .
ثمّ جاء الثالث ، فشهِد ، فكأنّ الرماد نُثر على وجه عمر .
فلمّـا جاء زياد ، جاء شـابّـاً يَـخْـطِـرُ[4] بيديه ، فرفع عمر رأسـه إليـه ، وقال : ما عندك أنت يا سَلْحَ العُقاب ؟ !
وصاح أبو عثمان النهدي صيحةً تحكي صيحة عمر .
قال عبـد الكريم : لقد كدتُ أن يُغشى علَيَّ لصيحته " .
إلى أن قال : " قال : يا أمير المؤمنين ! أمّا أنْ أُحِقَّ ما حقَّ القوم ،
[1] انظر : الأغاني 16 / 109 ، وفيات الأعيان 6 / 366 .
[2] ص 162 ج 3 [12 / 236 ـ 238] . منـه (قدس سره) .
وانظر : الأغاني 16 / 106 ـ 109 .
[3] كان في الأصل والمصدر : " أبي زيد بن عمر بن شـبّـة " ، وهو سهو ، والصواب ما أثبتـناه من " الأغاني " ; فإنّ " أبا زيد " كـنية عمر بن شـبّـة ، لا ابن له .
انظر : سـير أعلام النبلاء 12 / 369 رقم 158 .
[4] خَـطَـرَ الرجلُ يَـخْـطِـرُ إذا تَـبَـخْـتَـرَ وتمايل ومشـى مِشْـيَـة المُعْجب ; انظر : لسان العرب 4 / 136 ـ 137 مادّة " خطر " .