وقال الشوكاني: "وأشفّ ما يستدل به على الوجوب الحديث الثابت بلفظ (إنّ الله أمرنا أن نصلّي عليك فكيف نصلّي عليك في صلاتنا فقال: قولوا) الحديث. فإنّ هذا الأمر يصلح للاستدلال به على الوجوب"[1].

ولنا على حديث أبي مسعود البدري الملاحظة التالية:

في تفسير غضب النبيّ صلّى الله عليه وآله وصمته

جاء في جميع ألفاظ حديث أبي مسعود البدري أن النبيّ صلّى الله عليه وآله سكت عن جواب السائل حتى تمنى الحاضرون لو لم يسأله!

والأمر لم يتوقف عند السكوت بل غضب روحي فداه كما تصرّح رواية الطبراني قال: "أتى رجل رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى جلس بين يديه، فقال: يا رسول الله أما السلام فقد عرفناه، وأما الصلاة فأخبرنا بها كيف نصلّي عليك؟ فغضب رسول الله صلّى الله عليه وآله حتى وددنا أن الرجل الذي سأله لم يكن سأله، فقال:... الحديث"[2] .

وهذا الموقف من النبيّ صلّى الله عليه وآله مع سائل يسأل عن أُمور دينه ونحن مأمورون بالسؤال، والمعهود أن النبيّ صلّى الله عليه وآله يفرح لذلك لا يغضب خصوصاً وهو مأمور بتبيين الكتاب للناس ولا مبيّن غيره، فإنّ هذا الموقف يستدعي التأمل والبحث عن أسبابه الواقعية بحكم مسؤوليتنا اتجاه كل ما يصدر من النبيّ صلّى الله عليه وآله لكونه القدوة ونحن مأمورون بالأخذ بكل ما يصدر منه من قول أو فعل رأينا لزوم البحث في هذا الموضوع.

[1] فتح القدير، 4: 377، في تفسير آية 56 سورة الأحزاب.

[2] المعجم الكبير / الطبراني 17: 251 / 698 .