تدل مصادر الكلام والسير على أن أنصار مذهب التجسيم أكثر ما كانوا من أتباع الدولة، ومن الحشوية الذين يتشبثون بكل ما يروى بدون فهم، وسيأتي كلام ابن الجوزي أنه (عمَّ جَهَلَةَ الناقلين وعموم المحدثين) وكثر هؤلاء في الحنابلة من بين المذاهب.
وقد حاول بعضهم أن يبرئ الحنابلة من التجسيم، ولكنه أمر ثابت عن كثير منهم، بل هو معروف عنهم حتى أن الزمخشري نقل هذه الأبيات في الكشاف: 2 /573 طبع مصر عام 1307:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به
أكتمه، كتمانه لي أَسْلَمُ
فإن حنفياً قلت قالوا بأنني
أبيح الطلا وهو الشراب المحرم
وإن حنبلياً قلت قالوا بأنني
ثقيل حُلُوليٌّ بغيضٌ مجسِّمُ
وقال الفخر الرازي في المطالب العالية مجلد 2 جزء 2 ص 25:
(الفصل الثالث في إقامة الدلائل على أنه تعالى يمتنع أن يكون جسماً.
لأهل العلم في هذا الباب قولان: فالجمهور الأعظم منهم اتفقوا على تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الجسمية والحصول في الحيِّز، وقال الباقون إنه متحيز وحاصل في الحيز، وهؤلاء هم المجسمة.