الأمر الأول:
ردّ ادّعاء عدم عجز البشر عن مثل القرآن الكريم
لا شبهة أنّ القرآن ورد معجزا،و المسلمون و غيرهم من أهل اللسان-من الأعصار
السابقة إلى العصر الحاضر-يعرفون إعجازه، و القرآن صريح في ذلك.و إن وقع
الخلاف من بعض في سبب الإعجاز فإنّه لا يضرّ بجهة أصلا،لبداهة عجز أهل
اللسان عن الإتيان بمثله و لو كان العجز بأيّ سبب من الأسباب،و هذا المقدار
دليل واضح على خروجه عن طوق البشر.
على أنّ إبطال أيّة ديانة لا بدّ و أن يكون بإبطال ما هو مسلّم بين جميع المتديّنين بها،لا بما ذهب إليه[1]بعض
من المنسوبين إلى ذلك المذهب،و إلاّ لبطلت الأديان بأجمعها،و ذلك لاختلاف
علمائهم اصولا و فروعا.أ لا ترى انتقاد الفرقة الپرتستانية على علمائهم
السابقين عملا و قولا و اعتقادا؟!فهل يوجب مجرّد ذلك بطلان الديانة
النصرانية؟!و هل يجعل ذلك عاقل ردّا على أصل المذهب؟!كلاّ.
فما في«حسن الإيجاز»من أنّ القرآن لم يدّع عجز البشر و الناس عن مثله إلاّ
على سبيل المبالغة،غير جار على طريقة الفهم لبداهة أنّ القرآن لم يتعرّض
للإعجاز إلاّ في مقام الحجّة و الاستدلال و إثبات أنّه كلام اللّه و وحي
منزل على نبيّه المرسل صلوات اللّه و سلامه عليه و آله،و من ثم صار عجز
الشعراء و البلغاء-مع كثرتهم في تلك الأعصار-دليلا قاطعا على إعجازه.
[1]إشارة إلى ما نسب إلى بعض المسلمين من إنكاره عجز الناس عن الإيتان بمثل بلاغة القرآن.