تركنا من نحو ذلك في العهدين أمثالا كثيرة.
و ها فانظر إلى كلام القرآن الكريم في جميع موارده و فنونه المختلفة،و انظر إلى براعته فيها و بلاغته المعجزة بمطابقته لمقتضى الحال.
و إنّ صدور هذه المقامات الثلاثة و أمثالها الكثيرة من كتبة العهدين الرائجين لأدلّ دليل على كذب اولئك الكتبة.
دلائل صدق الرسول و الامور التي يمتنع وجوده فيها
و إنّ استنادنا في صدق الرسول إلى القرآن لهو من جهات شتّى،منها:
الجهة العامّة لمعاصريه من العرب،و هي براعة كلامه في مطابقة مقتضى حقيقة
الحال التي يتكلّم بها في فنونه الراقية،مع تحدّيه لهم بمعارضته و فصل
القضاء لهم بذلك،و عجزهم عن معارضة قليل منه بمثل كرامته،مع أنّهم من أهل
اللسان و البيان بحيث يكشف ذلك عن كونه عن مصدر إلهيّ و عناية خاصّة
بالرسول.
و ثانيا ما هو المحصّل المعقول من جوابه في قوله«فإن قيل.
قلنا»،فهل تراه يزعم أنّه إذا كان كثير من أهل الأديان يزعمون أنّ اللّه شرّير-تعالى شأنه-فإنّه يدلّ على أنّ ذلك حقيقة راهنة[1]تدلّ
على صدق المتنبئ بهذا الزعم،و لا تدلّ على بطلان زعمه بأنّه وحي إلهي؟!أو
تقول:إنّه قال ذلك و لم يدر ما ذا قال و لذا سمّى كتابه «حسن الإيجاز»؟!
و ثالثا لا شبهة في أن مدّعي النبوّة لا بدّ و أن لا يكون فيه الموانع التي يحكم العقل الفطريّ بامتناع وجودها في النبي:
منها كونه مكذّبا في دعواه من نبي مسلّم النبوّة و لو كان التكذيب بعنوان عامّ ينطبق عليه.