قال ابن أبي الحديد المعتزلي : « فتكلم
قوم وقالوا : يستعمل هذا الغلام على جلّة المهاجرين والأنصار ؟
فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
لما سمع ذلك ، وخرج عاصباً رأسه ، فصعد المنبر وعليه قطيفة فقال : (أيها
الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ؟ لئن طعنتم في تأمير
أسامة فقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وايم الله ان كان
لخليقاً بالامارة ، وابنه من بعده لخليق بها ...) » [١].
وقال أيضاً : « وثقل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
وأشتد ما يجده ، فأرسل بعض نسائه إلى أسامة وبعض من كان معه يعلمونهم ذلك.
فدخل أسامة من معسكره... فتطأطأ أسامة عليه فقبّله ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
قد اسكت فهو لا يتكلم ، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثمّ يضعهما على أسامة
كالداعي له ، ثمّ أشار إليه بالرجوع إلى عسكره ، والتوجه لما بعثه ، فرجع
أسامة إلى عسكره.
ثمّ أرسل نساء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
يأمرنه بالدخول وقلن : انّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
قد أصبح بارئاً ، فدخل أسامة من معسكره يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الأوّل ، فوجد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
مفيقاً ، فأمره بالخروج وتعجيل النفوذ ، وقال : (أغد على بركة الله).
وتهذيب تاريخ ابن
عساكر ٢ / ٣٩١ ، ومن كتب المتأخرين حياة محمّد لمحمد حسين هيكل / ٤٦٧.
والملاحظ في هذه المصادر المذكورة كلّها قد ورد اسم أبي بكر وأسم عمر فيمن
سمّاهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
أن يخرجوا تحت قيادة أسامة ، ولم تذكر أنهما سمعا وأطاعا ، بل ذكرت أنهما
كانا يخرجان ويعودان بحجة أو بغير حجة ، ويكفي وجودهما عند النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
يوم الخميس حين أمر بأحضار الدواة والكتف وهو دليل على أنهما كانا يرقبان حالة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
ويترقبان موته ولديهما خطة يجب أن يقوما بتنفيذها.
[١] شرح النهج لابن
أبي الحديد ١ / ١٥٩ ط محققة ، صحيح البخاري (كتاب المغازي باب بعث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
أسامة بن زيد في مرضه).