شهيد فأقرأ ما يقوله
أيضاً : « قوله : (لا تضلوا بعدي) ، قلت ـ وهو القائل ـ : لا يعني بالضلال
الضلال بعد الهدى ، لأنّه تقدم في تأويل ما أراد أن يكتب أنّه ما يرفع
الخلاف بين الفقهاء في المسائل ، أو ما يرفع ذلك الإختلاف في الخلافة ،
والخلاف الواقع في كلّ منهما إنّما هو عن اجتهاد ، والخطأ في الاجتهاد ليس
بضلال ... ا ه » [١].
أقول : وهذا هو بيت القصيد كما يقولون.
فكل ما حدث من خلاف في الخلافة وأريقت بسببه دماء المسلمين ، ليس فيه
مؤاخذة ، فجميع أهل الجمل وصفين والنهروان وما بعدها من حروب طاحنة ، كلّهم
معذورون فالقاتل والمقتول في الجنة ، يا سلام ؟!
وعلى هذا الوتر كان ضرب الباقين من
علماء التبرير ، فلا عجب إذا ما تبعه السنوسي الحسيني المتوفى سنة ٨٩٥ ه
في كتابه مكمل إكمال الإكمال قال : « (لن تضلوا بعدي) قيل : أراد أن ينص
على خلافة إنسان معين حتى لا يقع فيها نزاع ولا فتن.
وقيل : أراد كتاباً يبين فيه مهمات
الأحكام ملخصة ، ليرتفع نزاع العلماء فيها بعد ، فالضلال إذن على الوجهين
ليس ضلالاً عن هدى ، إذ المخطيء في الاجتهاد على القول بالخطأ ليس بضال » [٢].
أقول ـ ومن دون تعليق ـ : (
فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ )[٣]
فهل تجدون للضلال معنى غير الضلال عن الهدى. فدونكم كتب اللغة والتفسير ستجدون الضلال ضدّ الرشاد وهو بمعنى الباطل والهلاك.