فآذوه في نفسه وآذوه
في أهله ، وتقاعدوا عنه ، وتقاعسوا متخاذلين ومخذلين كلما أراد الغزو. فهل
كان يومئذ قرب وفاة ؟ وهل كان مرض ؟ أو هل كان اعتراه كرب ؟
٤ ـ ولو سلمنا أنّ المنافقين كانوا
يجدون سبيلاً ، فمن أين للخطابي وأضرابه إثبات علم عمر بذلك ، وإذا قالوا
أدركه بفطنته ففي بقية الصحابة الحاضرين يومئذ من فاقه فطنة وعلماً وحكماً
وفهماً ، لماذا يدرك أولئك ما أدركه عمر ؟ فإن هم سكتوا لعلمهم أنّه ليس
لهم حقّ الاعتراض فكان على عمر مثل ذلك.
٥ ـ ثمّ يا ترى ما هو موقف الخطابي من
اعتراف عمر بمراده ، وهو يدفع ما قاله هو وغيره من علماء التبرير فانتظر ، وسنوافيك به ، حينئذٍ ستجده يعترف بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
إنّما أراد عليّاً للأمر فمنعه هو من ذلك.
ثانياً : ابن حزم الظاهري
ذكر ابن حزم في كتابه الإحكام في أصول
الأحكام في جملة كلامه في إبطال القياس في احكام الدين قارب في بعضه وسدّد ،
وشذّ في بعضه وأبعد ، ومهما يكن فقد ذكر حديث الرزية وعقبه بقوله : « هذه
زلة العالم الّتي حذّر منها الناس قديماً ، وقد كان في سابق علم الله تعالى
أن يكون بيننا الاختلاف ، وتضل طائفة وتهتدي بهدى الله أخرى ، فلذلك نطق
عمر ومن وافقه بما نطقوا به ، ممّا كان سبباً إلى حرمان الخير بالكتاب
الّذي لو كتبه لم يُضل بعده. ولم يزل أمر هذا الحديث مهماً لنا ، وشجىً في
نفوسنا ، وغصة نتألم لها وكنا على يقين من أنّ الله تعالى لا يدع الكتاب
الّذي أراد نبيه صلّى الله عليه (وآله) وسلّم أن يكتبه
فلن