ثانياً : ومن هنا تعالت صيحات إعادة
كتابة التاريخ من جديد ، ولا شك كان من بينها أصوات مخلصة وجادة في دعوتها
إلى مراجعة التاريخ الإسلامي على ضوء الكتاب والسنّة ، فلا يدان بريءٌ ،
ولا يُبرّأ مذنب ، ولا يجامل الرجال على حساب الشرع. فلا فضل لعربي على
أعجمي إلّا بالتقوى ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ
عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )[٣] وهذا ما يستدعي رفع
الحواجز بين الحاكم والمحكوم في تقويم الأعمال ، كما يستدعي رسم الصورة لكل
منهما دون تزويق أو تمزيق ، وفوق مسار الشبهات التي تحجب العقل عن النظرة
الموضوعية.
فإذا وجدنا ابن عساكر ـ مثلاً ـ يروي
لنا عن عمرو بن العاص مرفوعاً : (قريش خالصة الله فمن نصب لها حرباً سُلب ، ومن أرادها بسوءٍ خُزي في الدنيا والآخرة) [٤].
ووجدنا أبا لهب وهو عربي وقرشي وابن سيد البطحاء وزوجته أم جميل عربية
وقرشية أيضاً ولما كانا كافرين ، نزلت سورة كاملة في ذمهما والتنديد بهما.
فلم تنفعهما القرشية شيئاً. وفي المقابل نجد سلمان الفارسي وبلال الحبشي
وصهيب الرومي وهم من السابقين أقوامهم إلى الإسلام كانوا أفضل