عن مشاهدة ، ولا شك
إن لعنصر المشاهدة قيمة في تسجيل الوقائع يفقده السماع وتعدّد الرواة.
وهكذا كانت هجرة حبر الأمة وهجرة أبيه ،
تمت بملاقاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
سواء في الطريق كما يقول أصحاب السيرة أو بعد الوصول إلى المدينة دار الهجرة والإيمان كما قلنا [١].
قال ابن كثير : « وهاجر مع أبيه قبل
الفتح ، فأتفق لقياهما النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
بالجحفة ، وهو ذاهب لفتح مكة ، فشهد الفتح وحنيناً والطائف عام ثمان » [٢].
ولمّا عاد مع أبيه ليشهد فتح مكة ، كان ذلك بداية ما كان يتحدث به بعد ذلك
عن مشاهداته في ذلك الفتح. كما أنّه شهد أيضاً وقعة حنين والطائف ، ورويت
عنه في ذلك بعض الأحاديث ، وكان جميع ذلك عام ثمان للهجرة النبوية ، وهو
بداية حياته.
شواهد
ومشاهد :
لقد كان لدى حبر الأمة وهو في سنّه تلك
من قوة الحافظة ودقة الملاحظة ما جعلته يحفظ كلّ ما سمع وما رأى ، فكان حريصاً على متابعة الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم
في أقواله وأفعاله ، حتى صار يحاكيه في شتى شؤونه الحياتية ففي العبادات
مثلاً حين يصف وضوءه وصلاته وحتى قراءته وكيفية الركوع والسجود وأذكاره
فيهما ، ويقول هكذا كان يفعل وهذا فعله وهكذا رأيته ، وحتى في سائر اوراده
ونوافله وهو في بيته فلاحظ ما سيأتي عنه من وصفه الدقيق
[١] لايعدم الباحث
وجود روايات مناقبية تذكر أن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
قال لعمه يا عم ختمت بي النبوة وختمت بك الهجرة ، ولكنها لا تثبت على المحكّ ويبين زيفها ، وأنها ممّا
وضعها الوضاعون تزلّفاً إلى أبنائه في أيام خلافتهم ، وما أكثر ما تقرّبوا به اليهم من
هذا القبيل حتى ليعسر أحياناً تخليص الحقائق من بين أكداس الشوائب.