موضع المسجد المذكور ذكر أنّه لم يسبّه، فوقف عليه وسبّه هناك قضاءً لما نسيه، فبنى ذلك الموضع وسمّي بذلك.
قال بعض العلماء: مررت بهذا المسجد في بعض السنين، فرأيت فيه سرجاً عظيماً كثيرة وآثار بخور، قال: وذكر لي بعض الأصحاب أنّه يؤخذ من ترابه، ويعدّونه شفاءً لهم، ويسمّون إلى الآن يوم الجمعة يوم السّبّة بالشام[1].
فاقتضى هذه الأشياء وأمثالها أن أوصى عليه السّلام بدفنه سرّاً، خوفاً من بني أمية وأعوانهم والخوارج وأمثالهم، أن يتهجّموا على قبره الشريف لو كان ظاهراً.
وأيضاً ربّما لو نبشوه مع العلم بمكانه لَحَمَل ذلك بني هاشم على المحاربة والمشاققة التي أغضى عنها عليه السّلام في حال حياته، فكيف لا يرضى بترك ما فيه مادّة النزاع بعد وفاته.
ويؤيّد هذا قضيّة ولده الحسن عليه السّلام في دفنه بالبقيع، حيث أوصى بذلك إن جرى نزاع في دفنه عند جدّه صلّى الله عليه وآله وسلّم طلباً لقطع مادّة الشر، فلمّا عرف أهل بيته عليهم السّلام أنّه متى ظهر وعُرف لم يتوجّه إلاّ التعظيم والتبجيل لا جرم أنّهم أظهروه ودلّوا عليه.
[حكاية الأسد عند القبر الشريف]
ومن كراماته وأسراره التي ظهرت عند قبره الشريف عليه السّلام ما حُكي أنّ جماعة خرجوا بالليل متخفّين إلى الغريّ لزيارة أمير المؤمنين عليه السّلام، قالوا: فلمّا وصلنا إلى القبر الشريف وكان يومئذ قبراً حوله حجارة، ولا بناء عنده، وذلك بعد أن أظهره الرشيد[2] وقبل أن يعمره.