وتجرّني إلى نار سَجّرها جبّارها لغضبه؟ أتئنّ من الأذى ولا أئنّ من لظى؟
وأعجب من ذلك طارقٌ طرقنا بملفوفة[1] في وعائها، ومعجونة شَنِئْتُها[2]، كأنّما عُجنت بريق حيّة أو قيئها، فقلت: أصلة، أم زكاة، أم صدقة؟ فذلك محرّم علينا أهل البيت.
فقال: لا ذا ولا ذاك، ولكنّها هديّة، فقلت: هبلتك الهبول، أعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط [أنت] [3] أم ذو جنّة أم تهجر؟
والله لو أُعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله تعالى في نملة أسلُبُها جلب شعيرة[4] ما فعلته، وإنّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها، ما لعلي ولنعيم يفنى، ولذّة لا تبقى، نعوذ بالله من سيئات العمل[5]، وقبح الزلل ..."[6].
فهذه أصول الفضائل، وأما فروعها الراجعة إليها، المندرجة تحتها وجزئيات فضائله، فغير متناهية، ولكنّا لابد أن نذكر منها شيئاً يسيراً ليحصل الجمع في ذكر فضائله عليه السّلام بين الأصول والفروع، والمطبوع والمسموع.
[كسر الأصنام]
فمن فضائله عليه السّلام انّه نشأ ورُبّي في الايمان، ولم يتدنّس بدنس الجاهلية، بخلاف غيره من سائر الصحابة، فانّ المسلمين أجمعوا على أنّه عليه السّلام لم يُشرِك بالله طرفة عين، ولم يسجد لصنم قط، بل هو الذي تولّى تكسير الأصنام لمّا صعد
[1] الملفوفة : نوع من الحلواء أهداها الأشعث بن قيس إلى عليّ عليه السّلام .