س: لقد بينتم نظرية التسلسل، وبطلانها بلسان فلسفي وأمثلة معقدّة. ألا نجد أمثلة بسيطة علمية تدل على بطلانها، ويمكن تيسرها على أذهاننا بشكل يسهل استيعابه؟
ج : بلى، اليك ذلك، ولو اطلعنا على النظريات لوجدناها ترجع بالاصل الى البديهيات. والبديهيات لا ترجع الى شئ. لأنها حقيقة واضحة لا تحتاج الى برهان لاثبات وجودها. أي انها موجودة لذاتها. كما ان الملوحة من الملح، لكن ملوحة الملح نفسها من ذاته. أي ان الملح لم يكتسب ملوحته من السكر، أو الحامض. فهي موجودة فيه لذاتها.[1]
والله سبحانه وتعالى موجود لذاته. أي انه لا يحتاج الى برهان لاثبات وجوده. فهو قبل كل شئ بلا أول، قديم أزلي. فالمخلوقات ترجع اليه. كما ان النظريات ترجع الى البديهيات، اما البديهيات فهي أشياء مسلم بصحتها كقولنا الكل أكبر من الجزء. فهذه فرضية منطقية (بديهية) والواحد نصف الاثنين، والكل يساوي مجموع الاجزاء. فهذه الاشياء لا تحتاج الى برهان لاثبات صحتها، وكذلك الواحد زائد واحد يساوي أثنين. ومن أصعب الاشياء توضيح الواضحات، فالطفل اذا تعطيه جزءا من الخبز، وتعطيه رغيف خبز كامل، يعلم بأن الرغيف (الكل) أكبر من القطعة الصغيرة (الجزء).
وكذا النار حارة والشمس مضيأة والثلج بارد، ندركه بالعلم الضروري لكن مع ذلك قد بينا اللسان الفلسفي لمحاورة لاحد العلماء.
بينا فيها الرد. وها نحن نفصح لك بصورة نظرية عقلية علمية لاثبات رجوع المخلوقات الى خالق واحد، وابطال التسلسل.
فمن البديهي ان الانسان والمخلوقات ترجع بالاصل الى خالق، واذا كان هذا الخالق أوجده اله آخر، وذلك الاله أوجده خالق آخر، وهكذا يحتاج أيضا الى من يوجده فيتسلسل الخالق وهذا باطل.
لانه يؤدي الى مالا نهاية له. وبينا ذلك، ونستطيع تصوير ذلك بحقيقة الارض التي نعيشها.
(1) أي انها ذاتية ، أي لذاتها ، لذات المصنوع بتأثير من الخالق وهو الله لانه لا ذاتية لشئ سوى الله