على أي حال، سواء اجتمع الرجلان أم لا، فإنّ هناك عدّة مؤشّرات تدلّ على رابطة حسنة بين الكركي والدولة الصفويّة في هذه المرحلة.

وهنا يرد سؤال آخر وهو:

لماذا هاجر الكركي إلى ايران؟

نقول: كان شعار الشاه إسماعيل الصفوي وأنصاره في أوّل معركة خاضوها"الله الله علي ولي الله"، كأنّما أراد بهذا الشعار أن يصرّح بهويّة الدولة الجديدة. وليلة تتويجه في تبريز أعلن أنّ التشيّع هو المذهب الوحيد المسموح به، وأصدر أمراً بأن يخطب خطباء آذربايجان باسم الأئمّة الاثني عشر[1]، وأن يكون الأذان بـ "أشهد أنّ عليّاً ولي الله" و"حيّ على خير العمل"[2].

وهذه كلّها شعائر لم يُصرخ بها في دار الإسلام منذ أربعمائة وتسع وخمسين سنة، أي منذ دخول طغرل بيك السلجوقي بغداد في سنة 448هـ وقطع الخطبة باسم الخليفة الفاطمي، كما أمر أئمّة المساجد بنسخ المذموم والمبتدع في إقامة الصلاة[3].

وكانت في تبريز أكثريّة غير شيعيّة، إلاّ أنّ الشاه بدا مُصمّماً على أن تُنفّذ أوامره، حتّى بعد أن جاءه النذير من بعض الشيعة المحلّيين بأنّ ذلك سيُنشىء وضعاً صعباً. ويبدو أنّ كلّ شيء قد تمّ بهدوء فيما بعد، بل إنّ الشاه الجديد المملوء حماسة حصل على مساعدة ثمينة حينما أخرج إليه قاضي البلد نصر الله الزيتوني كتاباً في الفقه الجعفري كانت الحركة الجديدة في أمسّ الحاجة إليه، وهو كتاب قواعد الأحكام للعلاّمة

[1]ـ حبيب السّير 4:467.

[2]ـ أحسن التواريخ: 61.

[3]ـ حبيب السّير 4:467.