ومن ناحية أُخرى فإنّ الحديث نفسه قد
يعارضه حديث آخر يتماشى مع النظرية العلمية ، فيجبُ قبول الثّاني وطرح الأوّل كما
لا يخفى.
ومثال على ذلك أسوق حديث العدوى لأنه
مُهِمٌّ في البحث ، ويعطينا صورة حقيقة على تناقض الصّحابة والرّواة والوضّاعين ، لا
على تناقض صاحب الرّسالة صلىاللهعليهوآلهوسلم
، فذلك لا يمكن أبداً.
فالبخاري في صحيحه يذكر الحديثين ، وأنا
أقتصر عليه لأنّه أصحّ الكتب عند أهل السنّة ، لئلا يذهب المتأوّلون عدّة مذاهب ، فيقول
قائل بأنّه قد يثبت عند البخاري حديثاً ، ويثبت عكسه عند غيره من المحدّثين ، ويلاحظ
القارئ بأنني في هذا الباب اقتصرت على البخاري وحده ، في تناقض الأحاديث.
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الطّب ، في
باب لا هامة :
عن أبي هريرة قال : قال النبىُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « لا
عَدْوَى ولا صَفَرَ ولا هامة » ، فقال أعرابي : يا رسول الله فما بال الإبل تكُونُ
في الرمْلِ كأنّها الظّباءُ ، فيخالطها البعيرُ الأجربُ فيجْرِبُهَا؟ فقال رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: « فمن أعدى الأوّل »؟
انظر إلى هذا الأعرابيُّ كيف يهتدي
بفطرته إلى طبيعة الأمراض المعدية ، من خلال البعير الأجرب الذي يجرب كلّ الإبل
إذا خالطها ، بينما لا يجد الرّسول جواباً على سؤال الأعرابي يقنعهُ به ، فيقول :
« فمن أعدى الأول »؟ ويصبح هو الذي يسأل.
وهذا أيضاً يذكّرني بالطبيب الذي سأل
الأُمّ التي جاءتْ بولدها المصاب