وأين رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من زوجته
عائشة التي كفّرتْ عن يمين نقضته بتحرير أربعين رقبة ، فهل هي أبرّ وأتقى لله من
رسول الله؟
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الأدب
باب الهِجْرَةِ ، وقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
: لا يحلّ لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث :
إنّ عائشة حدّثت أنّ عبد الله بن الزبير
قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة : والله لتنتهينَّ عائشةُ أو لأحجرنَّ عليها ، فقالتْ
: أهو قال هذا؟ قالوا : نعم! قالت : هو لله علىّ نذرٌ أن لا أُكلّم ابن الزبير
أبداً ، فاستشفع ابن الزبير إليها حين طالتْ الهجرة ، فقالت : لا والله لا أشفع
فيه أبداً ولا أتحنَّثُ إلى نذري ، فلمّا طال ذلك على ابن الزبير كلَّمَ
المِسْوَرَ بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يُغوثَ ، وهُمَا من بني زهرة ، وقال
لهما : أنشُدُكُما بالله لمّا أدخلتماني على عائشة ، فإنّها لا يحلّ لها أن تنذِرَ
قطيعتي ، فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين بأرديتهما حتّى استأذنا على عائشة ،
فقالا : السّلام عليك ورحمة الله وبركاته أندخُلُ؟ قالت عائشة : ادخلوا. قالوا : كلّنا؟
قالت : نعم ادخلوا كلّكم ولا تعلم أنّ معهما ابن الزبير ، فلمّا دخلوا ، دخل ابن
الزبير الحجابَ ، فاعتنق عائشة وطفق يناشدُها ويبكي ، وطفق المسور وعبد الرحمن
يُناشدانها إلاّ ما كلّمته وقبلتْ منه ، ويقولان : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عمّا قد
علمت من الهجرة ، فإنّه لا يحلُّ لمسلم أن يهجُرَ أخاه فوقَ ثلاث ليال ، فلمّا
أكثـروا على عائشة من التذكرة والتحريج طفقتْ تذكّرهما وتبكي وتقـولُ : إنّي نذرتُ
والنّذر شديد ، فلم يزالا بها حتّى كلّـمت ابن الزبير ،