ولذلك فأنتَ ترى اليوم أشكالا وألواناً
في صلاة المسلمين ، وتحسبهم جميعاً وقلوبُهم شتّى; لأنّهم يصطفّون للصلاة صفّاً
واحداً ، فترى هذا سادلٌ يديه ، وذاك قابضٌ ، وآخر له شكلا خاصّاً في القبض ، فهو
يضع يديه فوق السرّة ، وذاك يضعها قرب قلبه .. واحدٌ جامع بين قدميه وآخر مفرّق
بينهما ، وكلّ واحد يعتقد بأنّه هو الحقّ ، وإذا ما تكلّمت في ذلك فسيقال لك : يا
أخي إنها شكليات فلا تهتم بها وصلّ كما تريد ، فالمهم هو أن تُصلّي.
نعم ، هذا صحيح إلى حد ما ، فالمهم هي
الصلاة ، ولكن يجب أن تكون صلاة مطابقة لصلاة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد قال :
« صلّوا كما رأيتموني أُصلّي »[١]
، فعلينا أن نجتهد في البحث عن صلاته صلىاللهعليهوآلهوسلم
; لأنّ الصلاة عمود الدين.
( ث ) عثمان الذي استحت منه ملائكة
الرحمن.
قال البلاذري في أنساب الأشراف ٥ : ٥٤.
لما بلغ عثمان موت أبي ذر بالربذة قال :
رحمه الله. فقال عمّار بن ياسر : نعم ، فرحمه الله من كلّ أنفسنا ، فقال عثمان
لعمّار : يا عاضَّ أير أبيه أتراني ندمتُ على تسييره ، وأمر فدفع في قفاه وقال :
إلحق بمكانه.
فلما تهيّأ للخروج جاءت بنو مخزوم إلى
علىّ ، فسألوه أن يكلّم عثمان فيه ، فقال له علي : يا عثمان اتّق الله فإنّك سيّرت
رجلا صالحاً من المسلمين فهلك في تسييركَ ، ثمّ أنتَ الآن تريد أن تنفي نظيره؟
[١] صحيح البخاري ٨
: ١٣٣ ، الأدب المفرد ٥٥ ، صحيح ابن خزيمة ٢٠٦ ، صحيح ابن حيان ٤ : ٥٤٢ ، السنن
الكبرى للبيهقي ٢ : ٣٤٥ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٨٠.