أفتونا في ذلك يا أُولى الأبصار ولكم
الأجر والثواب.
أضف إلى ذلك أنّ عائشة ابنة أبي بكر
استولتْ على بيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
بأكلمه ، ولم تحظ أيّ زوجة أُخرى بما حَظيتْ به عائشة ، وهي التي
حجر ولغيره : كيف
إذاً منع فاطمة عليهاالسلام
حتى جاءت وسألته نصيبها ، كما روى ذلك البخاري في كتاب فرض الخمس عن عائشة حيث
قالت : « وكانت فاطمة تسأل أبا بكر نصيبها ممّا ترك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من خيبر
وفدك وصدقته بالمدينة ، فأبى أبو بكر عليها ذلك .. فأمّا صدقته بالمدينة فدفعها
عمر إلى عليّ والعباس ... ». ولا أدري كيف اجتهد عمر أمام النصّ الثابت ـ بحسب
زعمهم ـ الذي تمسّك به أبو بكر في منع الإرث ، فخالفه عمر ودفع صدقات المدينة إلى
علي والعباس؟ وما معنى هذا التناقض من الخليفتين؟
ثمّ لا يقال : يشهد لصنيع أبي
بكر حديث أبي هريرة المرفوع ... بلفظ : « ما تركت نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة
» ( فتح الباري ٦ : ١٤١ ) لأنّه
أولا : مرفوع كما صرّح به ابن
حجر ، فكيف يعتمد عليه في مثل هذه الأمور الخطيرة وقد قال محمّد رشيد رضا : « ليس
كلّ ما صح سنده من الأحاديث المرفوعة يصح متنه; لجواز أن يكون في بعض الرواة من
أخطأ في الرواية عمداً أو سهواً ... » ( أضواء على السنّة المحمدية لأبي رية : ٢٩١
).
ثانياً : أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أعدل من أن يفكّر
بمستقبل أزواجه وعامله ويدع ذريته من دون أن يوصي لهم أو يترك لهم شيئاً بل
ويمنعهم ، وهو صلىاللهعليهوآلهوسلم القائل لسعد بن أبي وقاص لما أراد أن يتصدّق بثلثي ماله لما ظنّ دنوّ
أجله : « إنّك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس » (
البخاري ٢ : ٨٢ ) فكيف يصح أن يترك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذريّته وأحبّ الخلق إليه الذين أوصى بهم كثيراً ، عالة يتكفّفون الناس؟
نحن ننزه ساحة نبيّ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم عن هذا الأمر ولا نسلم بحديث أبي هريرة ولا بحديث أبي بكر ، كيف وأوّل من
رفض حديث أبي بكر وخالفه هو عمر بن الخطاب حيث سلّم صدقات المدينة إلى عليّ
والعباس في حين أن أبا بكر منع فاطمة منها تمسكاً بحديث : « لا نورّث ».