فلم يُحسنُوا أن
يقولوا : أسلمنا ، فجعلوا يقولون : صبأنا صبأنا ، فجعل خالد يقتُل منهم ويأسر ،
ودفع إلى كلّ رجل منّا أسره ، حتّى إذا كان يومٌ أمر خالدٌ أن يقتل كلّ رجل منّا
أسيره ، فقلتُ : والله لا أقتل أسيري ، ولا يقتُلُ رجلٌ من أصحابي أسيره حتّى
قدمنا على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، فذكرناه له ، فرفع النبىُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
يده فقال : « اللهمَّ إنّي أبرأُ إليك ممّا صنع خالد » مرّتين!! ( صحيح البخاري ٥
: ١٠٧ و ٨ : ١١٨ ).
ذكر المؤرّخون هذه الحادثة بشيء من
التفصيل ، وكيف ارتكب خالد بن الوليد هذه المعصية الشنيعة ، هو وبعض الصحابة الذين
أطاعوه ولم يمتثلوا أوامر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
في تحريم قتل من أسلم ، إنّها من أكبر المعاصي التي أراقت دماء بريئة ، ولأنّ
النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
أمره بدعوتهم للإسلام ولم يأمُره بقتالهم!!
ولكنّ خالد بن الوليد تغلّبتْ عليه دعوى
الجاهلية ، وأخذته الحمية الشيطانية; لأنّ بني جذيمة قتلوا عمّه « الفاكه بن
المغيرة » أيام الجاهلية ، فغدر بهم ، وقال لهم : ضعُوا أسلحتكم فإنّ الناس قد
أسلموا ، ثمّ أمر بهم فكُتّفوا وقتل منهم خلقاً كثيراً.
ولمّا علم بعض الصّحابة المخلصين نوايا
خالد هربوا من الجيش والتحقوا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
وأعادوا عليه الخبر ، فتبرّأ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
من فعله ، وأرسل علي بن أبي طالب فودّى لهم الدّماء والأموال.
ولمعرفة هذه القضية بشيء من التفصيل لا
بأس بقراءة ما كتبهُ عباس محمود العقاد في كتابه « عبقرية خالد » إذ قال العقّاد
بالحرف في صفحه ٤٥ ما يلي :