( وَيَوْمَ حُنَيْن إذْ
أعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً ) ، من كتاب المغازي.
إنّ أبا قتادة قال : لمّا كان يوم حُنين
نظرتُ إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين ، وآخر من المشركين يختله من
وراءه ليقتُلَهُ ، فأسرعتُ إلى الذي يختله فرفع يده ليضربني ، فضربت يده فقطعتها ،
ثمّ أخذني فضمّني ضمّاً شديداً حتّى تخوّفتُ ، ثمّ ترك فتحلّل ودفعته ثمّ قتلته ،
وانهزم المسلمون وانهزمتُ معهم ، فإذا بعمر بن الخطّاب في النّاس ، فقُلت له : ما
شأن النّاس؟ قال : أمرُ اللّهِ ... ( صحيح البخاري ٥ : ١٠١ ).
عجيبٌ والله أمر عمر بن الخطّاب الذي هو
معدود عند أهل السنّة من أشجع الصّحابة إذا لم يكن أشجعهم على الإطلاق ، لأنّهم
يروون بأنّ الله أعزّ به الإسلام ، وأنّ المسلمين لم يجهروا بالدعوة إلاّ بعد
إسلامه!!
وقد أوقفنا التاريخ على الصحيح والواقع
، وكيف أنّه ولّى دبره وهرب من المعركة يوم أُحد ، كما ولّى دبره وفرّ هارباً يوم
خيبر عندما أرسله رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
إلى مدينة خيبر ليفتحها ، وأرسل معه جيشاً فانهزم هو وأصحابه ورجعوا يجبّنونه
ويجبّنهم[١]
، كما ولّى دبره وهرب يوم حنين مع الهاربين ، أو لعلّه كان أوّلَ الهاربين ، وتبعه
النّاس إذ كان هو أشجعهم ، ولذلك نرى أبَا قتادة يلتفت من بين أُلوف المنهزمين إلى
عمر بن الخطّاب ويسأله كالمستغرب : ما شأن النّاس؟ ولم يكتف عمر بن الخطّاب بهروبه
من الجهاد ،
[١] مستدرك الحاكم ٣
: ٣٧ ، كما أخرجه الذهبي في تلخيصه وقال عنه : صحيح ، كنز العمال للمتقي الهندي ١٠
: ٤٦٢ وقال : « ش البزار ، وسنده حسن » ، المصنّف لابن أبي شيبة ٨ : ٥٢٥ وسنده حسن.