النبي إلى رسول الله
بطعام قد صنعته له ، وهو عندي ، فلما رأيتُ الجارية أخذتني رعدة حتّى أستقلّني
أفكل ، فضربتُ القصعة ورميتُ بها ، قالت : فنظر إلىّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فعرفت الغضب
في وجهه ، فقلتُ : أعوذ برسول الله أن يلْعنني اليومَ ، قالت ، قال : « أَوِّلي »
، قلت : وما كفّارته يا رسول الله؟ قال : « طعام كطعامها ، وإناء كإنائها »[١].
ومرّة أُخرى تروي عن نفسها ، قالت : قلتُ
للنبي : حسبُك من صفيّة كذا وكذا ، فقال لي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
: « لقد قُلتِ كلمة لو مُزجتْ بماء البَحْرِ لمزجته »[٢].
سبحان الله! أين أُمّ المؤمنين من
الأخلاق ، وأبسط الحقوق التي فرضَها الإسلام في تحريم الغيبة والنّميمة؟! ولا شكّ
بأنّ قولها : « حسبك من صفية كذا وكذا » ، وقول الرسول بأنّها كلمة لو مزجت بماء
البحر لمزجتْهُ; بأنّ ما قالته عائشة في ضرّتها أُمّ المؤمنين صفية أمرٌ عظيم ، وخطبٌ
جسيم.
وأعتقد بأنّ رواة الحديث استفضعوها
واستعظموها ، فأبدلوها بعبارة ( كذا وكذا ) كما هي عادتهم في مثل هذه القضايا[٣].
[١] مسند الإمام
أحمد بن حنبل ٦ : ٢٧٧ ، فتح الباري ٥ : ٩٠ وقال : إسناده حسن ، فيض القدير ٤ : ٣٥٢
، مجمع الزوائد للهيثمي ٤ : ٣٣١ وصرّح بوثاقة رجاله.
[٢] سنن أبي داود ٢
: ٤٥٠ ح ٤٨٧٥ ، تفسير ابن كثير ٤ : ٢٢٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٥٤١ ، تحفة
الأحوزي في شرح سنن الترمذي ٧ : ١٧٦ ونقل المنذري تصحيح الترمذي للحديث وأقرّه.
قال النووي في الأذكار النووية : ٣٣٧ بعد إيراد الحديث : « وهذا الحديث من أعظم
الزواجر عن الغيبة أو أعظمها ، وما أعلم شيئاً من الأحاديث بلغ في ذمّها هذا
المبلغ ».
[٣] ولا تستغرب من
فعل المحدّثين هذا ، ولا تظنه تقولا من المؤلف; إذ إن لهم في