فيما عبّر ( انّ حظّ الكبائر في هذا الباب إن لم يزد عن حظّ السخف والجنون والخلاعة ، لم ينقص منه ) [١].
فإذا تمَّ هذا يظهر أنّ كلّ ما هو منفرٌ يجب أن لا يتّصف به الوسيط ، رعاية من الله تعالىٰ لنا ، ليقرِّبنا إلىٰ الطاعة أكثر ، ويبعدنا عن المعصية [٢].
فإذا سلّمنا بهذا نقول : إنَّهم اختلفوا في عدد الكبائر ، بل في حدود الكبيرة ، فبعضٌ قد رواها عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سبعة ، ورووا انّ ابن عمر زادها اثنين ، وابن مسعود زاد عليها ثلاثة. كما أنّ كثيراً من عظائم الذنوب ليس في ما ذكروه وسطّروه.
وقد اختلفوا كذلك في تحديد الكبيرة ، فقالوا : هي الذنب الذي واعد الله تعالىٰ عليه النار في القرآن ، وبعضهم قال : إنّ الكبائر من الذنوب هي التي عُدّت كبائر في الأخبار [٣]. بل بعضهم صرَّح أنّه ليس هناك كبيرة ولا صغيرة بل كلّها كبائر.
وكلّ هذا لا مدخلية له في بحثنا عند التمعّن بشيء ، وذلك لأنّ الذي يهم ، هو ما كان مُنفّراً للخلق من الوسيط ، وما كان مبعّدا للوسيط من الخالق ، فاذا رضينا بذلك وقنعنا به ، يكون حينئذٍ حال الذنوب
[١] بحار الانوار / المجلسي ١١ : ٩٢.[٢] وهذا من أساسيات قاعدة اللطف ، فقد حدَّ القوم اللّطف : بأنّه هبة مقربة إلىٰ الطاعة ، ومبعدة عن المعصية ، ولم يكن لها حظٌّ في التمكين ، ولم تبلغ به الهبة حدَّ الالجاء. راجع كتاب العقائد من أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ١٥٣. [٣] راجع : الكافي في كتاب الايمان والكفر ، باب الكبائر ، والوسائل ١١ : ٤٥ من أبواب جهاد النفس.