أقول: إنّ رفع القناع عن وجه الحقيقة يتوقّف على دراسة أمرين:
الأوّل: ما يدل على استحباب السفر لزيارة قبره (صلى الله عليه وآله) .
الثاني: دراسة وتحليل الحديث الذي تمسك به ابن تيمية على تحريم السفر.
وإليك الكلام حولهما واحداً تلو الآخر:
ما يدلّ على استحباب السفر
يمكن الاستدلال على استحباب السفر بوجوه كثيرة لكنّنا نقتصر على وجهين:
الأوّل: إطباق السلف والخلف على جواز السفر للزيارة، وهذا لا يمكن لأحد إنكاره، وقد استمرّت السيرة قروناً عديدة، وممّن أوضح تلك السيرة، الفقيه السبكي بقوله:
"إنّ الناس لم يزالوا في كلّ عام إذا قضُوا الحج يتوجّهون إلى زيارته (صلى الله عليه وآله) ، ومنهم من يفعل ذلك قبل الحج، هكذا شاهدناه وشاهده من قبلنا، وحكاه العلماء عن الأعصار القديمة، كما ذكرناه في الباب الثالث، وذلك أمر لا يرتاب فيه، وكلّهم يقصدون ذلك ويعرجون إليه، وإن لم
[1] مسلم، الصحيح 4: 126 كتاب الحج، باب لا تشدّ الرحال ـ أبو داود، السنن 1: 469 كتاب الحج ـ النسائي، السنن 2: 37 ـ 38 المطبوع مع شرح السيوطي.