عليّ كان يعلم بأنّها أرقّ وأوجب حقّاً من أُمّ كلثوم بنت أبي بكر، وهي لا يمكنها أن تتحمل ما لا يتحمله داهية مثل عمرو بن العاص لقوله:
"... وما نقدر أن نردك عن خلق من أخلاقك فكيف بها إن خالفتك في شيء فسطوت بها... ".
وبعد كلّ هذا، فقد اتضح لك بأنّ هذا الاقتراح من عمرو بن العاص لم يأت عن حُسن نية، بل جاء عن سوء نية!
نعم، إنّ ابن العاص أطرّ حقده الدفين ضدّ عليّ وبنيه بإطار الناصح الأمين إذ قال: " أنا لك بها وأدلّك على خير منها "، لكنّ هذا الأمر لا ينطلي على المتدبّر الحكيم، بل إنّ الباحث المحقّق ـ بل كلّ مطالع في النصوص ـ يعرف بأنّ عمرو بن العاص كان الموجّه والمنظر لعمر بن الخطّاب للدخول إلى بيت وحرم عليّ بن أبي طالب، أي أنّه رسم لعمر المنهج وأعطى له المبرّر كي يصل إلى هذا الزواج، وبذلك خدم سيّده ونال من عدوه في آن واحد.
ونحن حينما قلنا قبل قليل بأنّ الجميع كانوا يهابون عمر بن الخطّاب ويخافون بطشه، لا نعني بذلك عدم إمكان أن ينجو أحد من قراره.