responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ثم اهتديت (تحقيق وتعليق مركز الأبحاث العقائدية) نویسنده : التيجاني السماوي، محمد    جلد : 1  صفحه : 252

هذه الحادثة صحيحة لا شك فيها، فقد نقلها علماء الشيعة ومحدّثوهم في كتبهم، كما نقلها علماء السنّة ومحدّثوهم ومؤرخوهم، وهي ملزمة لي على ما ألزمت به نفسي، ومن هنا أقف حائرا في تفسير الموقف الذي وقفه عمر بن الخطّاب من أمر رسول اللّه‌، وأيّ أمر هو؟ أمر عاصم من الضلالة لهذه الأمّة، ولا شكّ أنّ هذا الكتاب فيه شيء جديد بالنسبة للمسلمين سوف يقطع عليهم كلّ شك[1].


[1] والشيء الجديد هو ما أراد كتابته (صلي الله عليه و آله وسلم) بعدما بيّنه شفاها مرارا عديدة من الوصاية بولاية أمير المؤمنين عليه السلام، ولو كتب هذا الكتاب، لما حصل الضلال بين المسلمين كما في الحديث الشريف.
قد يقول قائل: بان هذا الكتاب لو كان فيه شيء جديدٌ لما تركه النبي (صلي الله عليه و آله وسلم)، لأنّه مأمور بتبليغ أوامر اللّه‌ سبحانه وتعالى، مضافاً إلى أنّ النبي قد بلغ كلّ شيء طبقاً لقوله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ». هذا من جانب.
ومن جانب آخر هذا الأمر لم يكن واجب التبليغ وإلاّ لو كان واجب التبليغ يلزم إمّا القول بأنّ النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) لم يبلغ وعصى أمر اللّه‌، أو القول إنّه بلّغ وكلاهما باطل، أمّا الباقي فنعرف أنّ الرسول لم يكتب ذلك الكتاب، أمّا الاوّل فباطل أيضاً لأنّ النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) لا يمكنه أن يعصي أوامر اللّه‌ سبحانه وتعالى، وخصوصاً الأُمور المرتبطة بتبليغ الرسالة، وأمّا ا لثاني فالمعروف أن الرسول (صلي الله عليه و آله وسلم) لم يكتب هذا الكتاب فمن هذا وذاك يفهم أنّ هناك أمراً مهمّا ولم يكن ذا ضرورة أراد النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) أن يبلّغه، أو بتعبير أدق أن يخبر الناس به، لكنّه وقع كلام بين الحاضرين فلم يذكره النبي (صلي الله عليه و آله وسلم)لعدم أهمّيته، وعدم ثبوت شأن مهم له.
ويتبيّن من هذا الكلام أن تهويل هذه المسألة وإعطائها حجماً كبيراً، بحيث نجعلها مثلبة على الصحابة وبالخصوص عمر بن الخطّاب، ومؤشّراً على وجود انحراف فيهم أمراً مبالغاً فيه، وتضخيماً للشيء فوق حجمه!
هذا ما ذكر في الكتب التي اعترضت على الدكتور التيجاني ككتاب كشف الجاني: ٧٧، وكتاب بل ضللت: ٣٨، وكتاب الانتصار للصحب والآل: ٧٥.
وللجواب على هذا الكلام نقول: إنّ النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) قد بيّن لأمّته جميع ما تحتاجه من الأُمور التي تقرّبها إلى الهداية وتبعّدها عن الضلال، وبين كلّ شيء يحتاجه الناس في حياتهم العلمية سواءً الفردية منها او الاجتماعية.. فلم يبقِ شيء في الشريعة خافياً لم يبيّنه الرسول الأكرم (صلي الله عليه و آله وسلم)، لكنّه أراد أن يبيّن شيئاً كان قد ذكره سابقاً لكن الآن يريد بيانه بطريقة أُخرى وبإسلوب جديد، بحيث يقطع الأمور على كلّ مشككّ وعلى كلّ مرجف ولا يبقى نزاع حول ذلك الأمر.. وذلك الأمر الذي أراد أن يبيّنه الرسول الأكرم (صلي الله عليه و آله وسلم) كان مرتبطاً بصميم الدين وروحه، حيث كان كتاباً لن تضلوا بعده أبداً! كتاباً يحمل الهداية التي لا يضل المسلم بعدها.. فأراد النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) أن يقيّد مصباح الهداية ويضعه في موضع آمنٍ يكون مرجعاً لطالبيه وبغية لقاصديه، إلى جنب الاعتماد على الأقوال والأحاديث الشريفة التي ذكرها، فلذلك وصف هذا الكتاب بأنّه الحصن المنيع والسور الأمين لحماية الإيمان من الانحراف أو الزيغ والضلال.. فلذلك كان أمراً جديداً باعتبار الأسلوب الذي يريد طرحه إلى الناس والطريقة التي يريد استخدامها لإيصال ذلك الأمر اليهم.
لكن الرسول (صلي الله عليه و آله وسلم) وجّه بالاعتراض وعدم القبول، كما تشير إلى ذلك رواية الإمام أحمد حيث تقول: «إنّ النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتاباً لا يضلّون بعده أبداً، فخالف عليها عمر بن الخطّاب حتّى رفضها» مسند أحمد بن حنبل ٣: ٣٤٦، في رواية الطبراني عن عمر بن الخطّاب قال: «لمّا مرض النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) قال: إدعوا لي بصحيفة ودواة، أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً، فكرهنا ذلك أشدّ الكراهة. ثمّ قال: ادعوا لي بصحيفة أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً، فقال النسوة من وراء الستر: إلا تسمعون ما يقول رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم)!
فقلت: إنكن صويحبات يوسف إذا مرض رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) عصرتنّ أعينكن واذا صحّ ركبتنّ عنقه، فقال رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم): «أحزنتني فإنّهنّ خير منكم» المعجم الأوسط ٥: ٢٨٨، مجمع الزوائد ٩:٣٤.
ولأجل هذا الاعتراض امتنع رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) من كتابة ذلك الكتاب.
وقبل الدخول في هذا البحث نرجع إلى قائل هذه المقولة من هو؟
إذا رجعنا إلى الروايات نجدها وردت بصيغ مختلفة واليكها:
[١]ـ ما أخرجه البخاري عن ابن عبّاس ١: ٣٢ أنّ عمر بن الخطّاب قال: «إنّ النبي (صلي الله عليه و آله وسلم)غلبه الوجع».
[٢]ـ في مسند أحمد بن حنبل ٣: ٣٤٦ قال: «فخالف عليها عمر بن الخطّاب حتّى رفضها» وصرّح محقّق الكتاب بصحّته.
[٣]ـ وفي مسند أحمد بن حنبل ٦: ٤٧ قال عمر: «حسبنا كتاب اللّه‌».
[٤]ـ في رواية الطبراني المتقدّمة ٥: ٢٨٨ قال عمر: «فكرهنا ذلك أشدّ الكراهة».
هذا ما ورد في بعض الروايات التي صرحت باسم عمر بن الخطّاب.
أمّا الروايات التي لم تصرّح بالإسم ووردت بلفظ قالوا أو قال، ففي بعضها أنّهم قالوا: «ما له أهجر»، وفي بعضها قالوا: «يهجر»، وفي بعضها قال بعضهم: «إن نبي اللّه‌ ليهجر»... إلخ.
ونحن إذا أردنا اتّباع القواعد العقلائيّة في فهم الروايات، ومعرفة قائل الكلمة في مورد بحثنا لابدّ لنا من حمل الروايات المبهمة على الروايات المفسّرة، فالروايات التي وردت فيها «فقال بعضهم» تفسر بأنّ القائل عمر بن الخطّاب نفياً لتلك الروايات المصرّحة باسم القائل، وتبقى الروايات المصرّحة بلفظ الجمع (فقالوا، أو قالوا) فهذه الروايات إمّا أن نقول: بانه صدر من الصحابة قولان فقول قاله عمر بن الخطّاب، وقول قال بعض الصحابة الآخرين الذين يوافقون عمر بن الخطّاب الرأي.
ويشهد لذلك أنّه في الرواية التي ذكرت تنازع القوم واختلافهم حول طلب رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) ذكرت بأنّ بعضهم قال ما قال عمر بن الخطّاب!
فإذن كان لعمر مؤيدون وموافقون له في الرأي، فمن القريب جدّاً أنّ يكونوا ذكروا مقالة عمر بن الخطّاب إمّا مقارنة له أو بعدما قالها.
ولو قبلنا بالتعدد، وأن الكلمة قبلت من أكثر من شخص، فلا محذور من الالتزام بذلك وأنّ الكلام ذكر مرتين، مرّة من قبل عمر بن الخطّاب، ومّرة من قبل بعض الصحابة الموافقين له في الرأي.
ومضافاً إلى ذلك فإنّ العلماء الشرّاح للحديث ذكروا بأنّ القائل لهذا الكلام ـ على اختلاف في تحديد الألفاظ ـ هو عمر بن الخطّاب.
قال صاحب الفتح ٧: ٧٤٠: «.. وصمّم عمر على الامتناع لمّا قام عنده من القرائن بأنّه (صلي الله عليه و آله وسلم) قال ذلك عن غير قصدٍ جازم»!!
وقال النووي ١١: ١٣٢: «إنّما قصد عمر التخفيف على رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم)حين غلبه الوجع..».
وقال ابن الاثير: «الهجر: بالضم هو الخنا والقبيح من القول، ولا تقولوا هجر: أي فحشاً. وهجر يهجر هجراً بالفتح اذا اختلط في كلامه واذا هذى.. ومنه حديث مرض النبي (صلي الله عليه و آله وسلم)قالوا: ما شأنه أهجر.. والقائل كان عمر» النهاية في غريب الحديث والأثر ٥: ٢٤٥.
وقال سبط بن الجوزي: «... ولمّا مات رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) قال قبل وفاته بيسير: ائتوني بدواة وبياض لأكتب لكم كتاباً لا تختلفوا فيه بعدي! فقال عمر: دعوا الرجل فإنّه ليهجر» تذكرة الخواص: ٦٥.
وقال ابن أبي الحديد المعتزلي: «قال النقيب: وممّا جرّأ عمر على بيعة أبي بكر والعدول عن علي ما كان يسمعه من الرسول (صلي الله عليه و آله وسلم) في أمره، أنّه إنكر مراراً على الرسول (صلي الله عليه و آله وسلم)أموراً.. من الأمور التي كان يرى فيها المصلحة ممّا هي خلاف النصّ وذلك نحو إنكاره: في الصلاة على عبد اللّه‌ بن أبي المنافق، وإنكاره فداء أُسارى بدر، وإنكاره عليه تبرّج نسائه للناس، وإنكاره قضية الحديبية، وإنكاره أمان العبّاس لأبي سفيان بن حرب، وإنكاره واقعة أبي حذيفة بن عتبة، وإنكاره أمره بالنداء من قال لا إله إلاّ اللّه‌ دخل الجنّة، وإنكاره أمره بذبح النواضح، وإنكاره على النساء بحضرة رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) وهيبتهن له دون رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم)إلى غير ذلك من أمور كثيرة تشتمل عليها كتب الحديث.
ولو لم يكن إلاّ إنكاره قول رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) في مرضه: ائتوني بدواة وكتف أكتب لكم ما لا تضلون بعدي، وقوله ما قال، وسكوت رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم)عنه.
وأعجب الأشياء أنّه قال ذلك اليوم: حسبنا كتاب اللّه‌، فافترق الحاضرون من المسلمين في الدار، فبعضهم يقول: القول ما قال رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم)، وبعضهم يقول القول ما قال عمر، فقال رسول اللّه‌ وقد أكثروا اللغط، وعلت الاصوات: قوموا عنّي، فما لنبي أن يكون عنده هذا التنازع فهل بقي للنبّوة مزية أو فضل..؟!
فمن بلغت قوّته وهمّته إلى هذا كيف ينكر منه أن يبايع أبا بكر لمصلحة رآها ويعدل عن النصّ؟!
ومن الذي كان ينكر عليه ذلك وهو في القول الذي قاله للرسول (صلي الله عليه و آله وسلم)في وجهه غير خائف من الأنصار ولا ينكر عليه أحد.. وهو أشدّ من مخالفته النصّ في الخلافة وأفضع وأشنع» شرح نهج البلاغة ١٢: ٨٨.
وقال ابن حزم الأندلسي بعد إيراده الحديث: «قال أبو محمّد: هذه زلة العالم التي حذر منها الناس قديماً، وقد كان في سابق علم اللّه‌ أن يكون بيننا الاختلاف وتضلّ طائفة وتهتدي بهدي اللّه‌ أُخرى، فلذلك نطق عمر ومن وافقه بما نطقوا به، ممّا كان سبباً إلى حرمان الخير بالكتاب الذي لو كتبه لم يضلّ بعده..» الأحكام ٧: ٩٨٤.
فهذه الكلمات وغيرها تزيل الريب من كون المطلق للكلام هو الخليفة عمر بن الخطّاب.
وبعد ذلك يطرح السؤال التالي: لماذا لم يكتب رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) الكتاب حتّى على فرض رفض الصحابة له؟
والجواب على هذا الكلام: إنّ الصحابة بعدما اختلفوا فيما بينهم، وبعد اتّهامهم للرسول (صلي الله عليه و آله وسلم) بالهجران فقد رفعوا بذلك موضوعيّة الكلام، وأصبح الكتاب لا قيمة له مادام قائله يهجر أو مشكوك الصحة!
فلذلك ورد في بعض الروايات أنّهم قالوا: «إلاّ نأتيك بما طلبت؟
قال: أوبعد ما قال؟! فلم يدع به» الطبقات الكبرى ٢:٢٤٢.
فالنبي (صلي الله عليه و آله وسلم) عرف أن لا قيمة لكتابة ذلك الكتاب بعدما سلبوا منه الوعي والسلامة من الهذيان حينما قالوا: انّه يهجر!!
وهذه الكلمة من النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) قرينة ـ أيضاً ـ على أنّ القائل هو عمر بن الخطّاب لأنّ النبيّ (صلي الله عليه و آله وسلم) قال: «أوبعد ما قال؟»، أيّ أوبعد ما أطلق كلمته المشؤمة وإتهامه الباطل.. وبعدما أوقع الشك في النفوس، ومعه لا ينفع كتابة الكتاب لأنّه أصبح صادراً من نبي مشكوك الصحة والسلامة، لا من نبي سالم معافى.
ثُمّ اذا كان الشاهد على كتابة الكتاب حاله التشكيك فيه والطعن في نبّيه فكيف يكون حال غيره، من الذين يأتون بعدهم ويأخذون بما حفظوه ونقلوه؟!
فلا يبقى له قيمة تذكر ولا تركن النفس في الاعتماد عليه والرجوع إليه عند اختلاف الأهواء وظهور البدع.. وكُلّ ذلك يرجع إلى أمرٍ بسيط إلاّ وهو الشكّ في صحة الرسول حينما قال الكلام وبيّنه.. بل كيف يقبله المسلم اللاحق مادام صحابته الحاضرين عنده والمشاهدين له قد طعنوا فيه، وحكموا بعدم أهليّته للكلام فضلاً عن الإيصاء بامرٍ يرتبط بالهداية والضلال فإنّ العقلاء يشكّكون في هذا الكلام ولا يقبلوه ولا يرجعون إليه بل يكون حينئذٍ الإيصاء به مضرّاً وليس نافعاً.
هذا كُلّه على فرض التسليم له بالمجيء بالدواة والكتف بعد اللفظ الذي حصل، وإلاّ فهم بقوا على إصرارهم وعنادهم في عدم احضار الدواة والكتف، ولهذا صاحت النسوة ما لكم قرّبوا لرسول اللّه‌ الكتاب، فزجروهنّ وقابلوهنّ بالرفض.
إذن النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) لم يصرّ على كتابة الصحيفة التي لا يضلّوا بعدها أبداً لأنّ قولهم: (هجر او أهجر) يمكن أن يكون مقدّمة يشكّ بها البعض فيما سيكتبه الرسول (صلي الله عليه و آله وسلم)، بمعنى أن الرسول كتب ما كتب وهو في حالة لا تسمح له بذلك، والتشكيك مكتوب، ربما يتعدّى هذا المكتوب إلى مكتوب آخر تحت هذه الحجّة.
ويمكن أن يكون ترك كتابة الكتاب لأنّ الرسول لما أكثروا اللغط والاختلاف عنده علم أنّ الاختلاف واقع من بعده لا محالة كما أخبره ربّه، ولأجل ذلك اكتفى بما أقامه عليهم قبل ذلك من الحجج.
وممّا تقدّم يتضح الجواب على سؤال آخر وهو: إنّ كتابة الكتاب لم تكن واجبة وإلاّ لما تركها النبي (صلي الله عليه و آله وسلم).
فاننا نقول: بان كتابة الكتاب كانت واجبة، وهذا أمر واضح لمن راجع الحديث وتمعّن فيه، وممّا يدلل على ذلك عدّة أمور.
[١]ـ وصف الكتاب بأنّه لا تضلّوا بعده أبداً. فاذن الكتاب كان فيصلاً بين الهداية والضلالة، وكان مشعل النور الذي يضيء لمن اتّبعه ويضلّ من تخلّف عنه، ولذلك قال ابن حزم كلمته المتقدّمة من أنّ منع كتابة الكتاب ادّت إلى حرمان الخير.
[٢]ـ اختلاف القوم فيما بينهم فحزب أيدّ عمر وقسم أيدّ الرسول (صلي الله عليه و آله وسلم)، وهذا يدل على جديّة الموضوع وأنّه أراد ان يكتب للأمة كتاباً مّهماً، وإلاّ لو كان أمراً عابراً لما كان هنا داع لهذا الاختلاف!
[٣]ـ طرد الرسول (صلي الله عليه و آله وسلم) لهم بعدما تنازعوا وأكثروا من اللغط، وهذا يدلّ على جديّة الموضوع ـ أيضاً ـ ، إذ لو كان أمراً عابراً لا معنى لأن يغضب رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم)ويطرد صحبه المحبّين له من عنده، خصوصاً وهو في آخريات أيّامه الشريفة!
[٤]ـ وصفه للنسوه اللاتي طلبن تقريب الكتاب إلى رسول اللّه‌ (صلي الله عليه و آله وسلم) بأنهنّ خير منهم، لأنّهنّ يردن تقريب الدواة والقلم للرسول (صلي الله عليه و آله وسلم) وهم رفضوا ذلك، فلأجل ذلك وصفهنّ الرسول بأنهنّ خيرٌ منهم، وهذا إن دلّ على شيء فيدلّ على جديّة الأمر ولزومه.
[٥]ـ بكاء ابن عبّاس - رضوان اللّه‌ تعالى عليه - وتسميته لذلك اليوم بأنّه رزية خير دليل على جديّة الأمر، وأنّه أراد أن يكتب كتاباً مهمّاً، وكان واجباً وضروريّاً لأنّه الفيصل بين الهداية والضلالة، والبصر والعمى.

نام کتاب : ثم اهتديت (تحقيق وتعليق مركز الأبحاث العقائدية) نویسنده : التيجاني السماوي، محمد    جلد : 1  صفحه : 252
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست