responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : ثم اهتديت (تحقيق وتعليق مركز الأبحاث العقائدية) نویسنده : التيجاني السماوي، محمد    جلد : 1  صفحه : 230

بداية الدراسة المعمّقة

الصحابة عند الشيعة والسنّة:

من أهم الأبحاث التي أعتبرها الحجر الأساسي في كلّ البحوث التي تقود إلى الحقيقة، هو البحث في حياة الصّحابة وشؤونهم وما فعلوه وما اعتقدوه، لأنّهم عماد كُلّ شيء، وعنهم أخذنا ديننا، وبهم نستضى‌ء في الظلمات لمعرفة أحكام اللّه‌.

ولقد سبق لعلماء الإسلام ـ لقناعتهم بذلك ـ البحث عنهم وعن سيرتهم، فألفوا في ذلك كتبا عديدة أمثال : أُسد الغابة في معرفة الصحابة، وكتاب الإصابة في تمييز الصحابة، وغيرها من الكتب التي تناولت حياة الصحابة بالنّقد والتحليل، ولكنّها من وجهة نظر أهل السنّة والجماعة[1].


[1] هذه الكتب بحثت حياة الصحابة، وتعرّضت لأفعالهم وتصرّفاتهم التي
ارتكبوها في حياتهم، سواء ما كان منها في حياة النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) أو بعد وفاته، وهذه الكتب وإن كانت مؤلّفة على طريقة أهل السنّة وعلى منهجهم من عدالة جميع الصحابة، وان مؤلّفيهما ممن يعتقدون بذلك إلاّ أنّ ذلك لا يمنع من رجوع الباحث المنصف لها، والاستفادة منها من خلال الإطلاع على أفعال الصحابة وأخلاقياتهم وما صدر عنهم، ودراسة ذلك بشكل موضوعي من أجل الوصول إلى الحقيقة أو الاقتراب منها، بدل الاعتماد على التقليد الأعمى الذي لم يبتن على أسس رصينة وقواعد متقنة أو أدلّة معتمدة... وإنّما ابتنى على أقوال وكلمات أرسلت أرسال النصّ المنزل غير القابل للنقاش السندي أو المتني!! وإن شككت في قائله فلك كلّ الويل والثبور وصبّت عليك لعنات الأحياء ومن في القبور.. وهم مع حرصهم الشديد على إخفاء الكثير من العيوب، والتستر عليها، والتقليل من شأنها، ومن الشواهد على ذلك ما ذكره العلاّمة محمّد ناصر الدين الألباني في صحيحته ٧/٧٢٣ بعد إخراجه لحديث لعن الحكم بن العاص وتصحيحه قال: «وإنّي لأعجب أشدّ العجب من تواطؤ بعض الحفّاظ المترجمين لـ الحكم على عدم سوق بعض هذه الأحاديث وبيان صحّتها في ترجمته أهي رهبة الصحبة وكونه عمّ عثمان بن عفّان رضى‌الله‌عنه!!
أم هي ظروف حكومية أو شعبّية كانت تحول بينهم وبين ما كانوا يريدون التصريح به من الحقّ؟!
فهذا ابن الأثير مثلاً يقول في أسد الغابة: «وقد روي في لعنه ونفيه أحاديث كثيرة لا حاجة إلى ذكرها!! إلاّ أنّ الأمر المقطوع به أنّ النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) مع حلمه وإغضائه على ما يكره ما فعل به ذلك إلاّ لأمرٍ عظيم».
وأعجب منه صنيع ابن حجر في الإصابة فإنّه مع إطالته في ترجمته صدّرها بقوله: «قال ابن السكن: يقال انّ النبي (صلي الله عليه و آله وسلم) دعا عليه ولم يثبت»!!
وأعجب من ذلك كُلّه تحفّظ الحافظ الذهبي بقوله في ترجمة الحكم من تاريخه ٢: ٩٦: «وقد وردت أحاديث متكررة في لعنه لا يجوز الاحتجاج بها وليس له في الجملة خصوص الصحبة بل عمومها!!»
كذا قال مع أنّه بعد صفحة واحدة ساق رواية الشعبي عن ابن الزبير مصحّحاً إسناده كما تقدّم. ومثل هذا التلوّن أو التناقض ممّا يفسح المجال لأهل الأهواء أن يأخذوا منه ما يناسب أهواءهم.
وغير ذلك ممّا يطول ذكره، وتكثر الأوراق بتسويد كلماتهم فيها، فإنّ المحدثين وإن كانت أحكامهم تنطلق من عقائدهم المسبقة ومتبنياتهم القبليّة إلاّ أنّ ما سطّرته أقلامهم ودوّنوه في صفحاتهم من ذكر كثير من الأفعال المشينة والتصرّفات المخزية التي لا تليق بمسلم فضلاً عن ان يتسمّى صحابي، ويشار له بالبنان، ويطبّق عليه آي القرآن، ممّا يعطي للباحث المنصف الوسيلة التي يستطيع بها إصدار حكمه بشكل صحيح، بعد الإطلاع على الأدلّة والأقوال وقارن بينهما وبين التصرفات الصادرة من الصحب المدوّنة في تراجمهم وخاض في غمارها واستخرج النتيجة المطلوبة منها.
وبهذا تعرف أنّ ما ذكره الدكتور الرحيلي في كتابه الانتصار للصحب والآل من افتراءات السماوي الضال: ٢٢٢ بقوله: «إنّ هذين الكتابين لإمامين جليلين من أئمّة أهل السنّة، يدينان للّه‌ بعدالة الصحابة، ويعرفان لهم فضلهم ومكانتهم، فأُسد الغابة للإمام ابن الأثير، والإصابة للحافظ ابن حجر رحمهما اللّه‌ تعالى، وقد نصّ كلّ منهما على عدالة الصحابة في مقدّمة كتابه، وبيّن أنّ الصحابة كُلّهم عدول لا يبحث عن عدالتهم، ولا يتطرّق إليهم الجرح بحال قال ابن الأثير رحمه اللّه‌: والصحابه يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلاّ في الجرح والتعديل فانّهم كُلّهم عدول..
وقال ابن حجر:.. أتفق أهل السنة على أنّ الجميع عدول.
فكيف يسوغ في عقل أن يقرّر كلّ واحد من هذين الإمامين القول بعدالة الصحابة، وأنّه لا يبحث عن عدالتهم ولا يتعرّض لهم بنقد ولا بتجريح في مقدّمة كتابه ثُمّ ينقض ذلك في الكتاب نفسه بتجريح الصحابة والطعن فيهم؟!
هذا ما ذكره الدكتور الرحيلي في الاعتراض على التيجاني وعلى كلّ من يحاول المساس بقاعدة عدالة عموم الصحابة من خلال كتب تراجم الصحابة!
والأستاذ الرحيلي ذهب بعيداً في استنتاجه وأخذ يحطب بليلٍ في كلام المؤلف، فقد فهم الرحيلي من كلام التيجاني أنّ الكتب المذكورة المترجمة للصحابة تطعن في الصحابة، بينما نرى مؤلفيها في أوّل صفحات منها يقرّون بعدالة عموم الصحابة، ويحكمون على من يحكم بعدم عدالتهم بالابتداع، فعليه يكون التيجاني غير منطقي في كلامه.
ولكن هناك غفلة كبيرة صدرت من الدكتور الرحيلي، وهي تصدر دائماً من أمثال الدكتور الذين يتسرّعون في الأحكام ويطلقونها على عواهنها من غير تريّث أو تروٍّ، فالمؤلف لم يقل بأنّ هؤلاء العلماء المترجمين كابن حجر وابن الأثير والذهبي وغيرهم قد طعنوا بالصحابة في كلماتهم، بل بالعكس هؤلاء المحدّثين صدّروا كتبهم المترجمة للصحابة بعدالتهم جميعاً بلا استثناء، إلاّ أنّهم في تراجمهم للصحابة ذكروا في أفعالهم وتصرفاتهم ما يندى له الجبين، ويسوّد منه ماء اللجين، من القتل والهتك والانقلاب على الأعقاب وما شاكل ذلك، فمن كان منصفاً وله قلب يسمع ولم يحمل ترسبّات سابقة يتضح لديه جليّاً أنّ الصحابة لا يمكن الحكم بعدالتهم جميعاً، لوجود من ارتد وبدّل وغيّر و..، وإن حكم أصحاب التراجم بعدالتهم ونزاهتهم فإنّ تلك ناشئة من عقيدتهم، ولذلك صدّروا الكتاب بها، وجعلوها في أوّل الصفحات.
فإذن حكم المحدثين المترجمين للصحابة بعدالتهم عموماً شيء، وبيان أفعالهم وأقوالهم التي صدرت منهم شيء آخر.. فالأمر الأوّل ليس مرتبطاً بالأمر الثاني بتاتاً، فيمكن للباحث المنصف أن يستنتج من الأمر الثاني ما يخالف الأمر الأوّل كُلّياً.. وهذا هو الذي يقصده المؤلف من كلامه وهو جلي واضح فيه، إلاّ أنّ ذهنيّة الرحيلي ومن على شاكلته مبنيّة على برمجة معيّنة يصعب الخروج منها!

نام کتاب : ثم اهتديت (تحقيق وتعليق مركز الأبحاث العقائدية) نویسنده : التيجاني السماوي، محمد    جلد : 1  صفحه : 230
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست