والتدبّر في هذه المحاورة يفيد أمرين (الأول): إنّ الأناجيل الصحيحة المنزلة بالوحي كانت قد فقدت بعد المسيح، وهذه الأناجيل من موضوعات تلامذة التلاميذ كما يعضده النظر في تاريخ اولئك الأربعة وتعاليق الأناجيل المتداولة.
(الثاني) انّ هناك شخصين يسمّيان بالمسيح أو بعيسى.
(أحدهما) بشر بمحمد وامته (والثاني) لم يُعرف منه ذلك.
ثم إذ نظرنا في هذه الأناجيل الدارجة، والصحف التي هي عند أهلها مقبولة رائجة، وجدناها تنص صريحاً على تعدد المسحاء، ففي الاصحاح الثالث عشر من مرقس: لانه سيقوم مسحاء كذبة وانبياء كذبة ويعطون آيات وعجائب لكي يضلوا، وفي الرابع والعشرين من متى: إنّ كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا هو المسيح ويضلون كثيرين إلى قوله: ويقوم انبياء كذبة كثيرون ويضلون كثيرين. من (5 ـ 12).
ثم نظرنا نعِمَّا، وتدبّرنا تدبراً مهماً. وتوغّلنا في سير النعوت التي ذكرها القرآن للمسيح، والنعوت الموسوم بها في هذه الأناجيل، فوجدناها على طرفي نقيض بحيث لا يكاد يتفق القرآن مع تلك الصحف في صفة واحدة من صفاته، ولا علامة فذة من علاماته.