فمن عجيب أمر القائلين
بإمامة المفضول، و مخالفتهم موجبات العقول: أنّهم قصدوا إلى من اعترفوا بأنّه أشرف
الأمّة و أفضلها، و أوسعها علما و أكملها، و أنّه البصير بسياستها، الخبير بشرائط
رئاستها، الذي لم يزل ناهضا بأثقالها، خائضا بحار أهوالها[2]، مجاهدا مذ كان في نصرتها، عالما
بأحكام ملّتها، زاهدا في زهرة دنياها، صابرا على عظيم بلواها، متميّزا بالمناقب
فيها، مبرّزا في الفضائل عليها، قد جعل اللّه أعماله أعلى و أفضل من أعمالها، و
ثوابه أزكى و أجزل من ثوابها، فمنعوه أعلى المنازل و أجلّها، و أشرف الرتب و
أفضلها، و هي منزلة الإمامة التي تليق به و يليق بها، و تشهد العقول السليمة بأنّه
دون الخلائق صاحبها، و رفعوا إليها [نسبة] من لا نسبة بينه و بينها، و قالوا: إنّ
[من] الحقّ الواجب ألّا يكون [هذا] السيّد الفاضل رئيسا مقدّما، و [من] الرأي
المصيب أن يكون رعيّة