اختلفت النظرة إلى الخلافة والإمامة في صدر الإسلام، فالتزموها تارة بالبيعة، وأُخرى بالشورى، وثالثة بالإجماع، لاغين الوصاية النبويّة أو احتمالها من قاموس السقيفة، مؤكّدين على أنّ الكثرة واتّفاق أهل الحلّ والعقد هما من طرق إثبات شرعية الخلافة..
وتطوّر الأمر ونضح الإناء بأخرة فصرّح بعضهم بانعقاد الخلافة بمبايعة شخصين، أو شخص واحد، مستدلّين ببيعة عمر لأبي بكر، واستفحلت الفكرة حتّى صرّح بعضهم بانعقاد الخلافة لكلّ من غلب وتسلّط بالسيف والقوّة..
إلى غير ذلك من الرؤى التي استُلّت من بيعة أبي بكر، وكتابة عثمان خلافة عمر وإقرار أبي بكر لذلك، واختراع عمر لمبدأ الشورى الضاغطة..
فكان لابُدّ من إيجاد المخرج لتصحيح تلك البيعات، ومن هنا ظهرت الآراء المتضاربة والمتهافتة، وأثرت حتّى اليوم على شرعية وشكلية الحكومة الإسلامية.
لكن الاستدلال بالكثرة غير صحيح عقلاً ونقلاً ; إذ لو صحّت الكثرة دليلاً لكان الكفّار على حقٍّ; لكونهم أكثر عدداً من المؤمنين في صدر الإسلام، بل في أغلب الأزمان، حتّى صرّح القرآن الحكيم بعدم نفع الكثرة قبال القلّة المؤمنة، بقوله: