الباب الثالث والثلاثون في الخشوع لله سبحانه والتذلل له
قال الله تعالى: {قد أفلح المؤمنون * الذين هم في صلاتهم خاشعون}[1]، ثم فسّرهم سبحانه بتمام الآية في سورة المؤمنين.
فنقول: الخشوع الخوف الدائم اللازم للقلب، وهو ايضاً قيام العبد بين يدي الله تعالى بهمّ مجموع، وقلب مروع، وروي انّه من خشع قلبه لم يقربه الشيطان، ومن علاماته غضّ العيون، وقطع علائق الشؤون.
والخاشع من خمدت نيران شهوته، وسكن دخان أمله، وأشرق نور عظمة الله في قلبه، فمات أمله، وواجه أجله، فحينئذ خشعت جوارحه، وسالت عبرته، وعظمت حسرته، والخشوع ايضاً يذلل البدن والقلب لعلاّم الغيوب، قال الله تعالى: {وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً}[2]، يعني المتواضعين الخاشعين.