حفظناهن، فلما سمعهن أكثم قال: إني أراه يأمر بمكارم الأخلاق و ينهى عن ملائمها، فكونوا في هذا الأمر رؤساء، و لا تكونوا فيه أذنابا، كونوا فيه أولا، و لا تكونوا فيه آخرا، فلم يلبث أن حضرته الوفاة.
قوله: «فلم يلبث أن حضرته الوفاة»:
زاد غيره: فقال: أوصيكم بتقوى اللّه، و صلة الرحم فإنه لا يبلى عليهما أصل، و لا يهتصر عليهما فرع، و إياكم و نكاح الحمقاء فإن صحبتها قذر، و إياكم و أعيان الإبل فإن فيها غذاء الصغير، و جبر الكسير، و فكاك الأسير و مهر الكريمة، و اعلموا أن سوء حمل الغنى يورث مرحا، و إن سوء حمل الفقر يضع الشرف، و إن العدم عدم العقل لا عدم المال، و إن الوحشة في ذهاب الأعلام، و اعلموا أنه لن يهلك امرؤ عرف قدره، و اعلموا أن مقتل الرجل بين لحييه، يا قوم لا تكونوا كالواله، و لا تواكلوا الرفد، فإن تواكل الرفد علم للخذلان، و داعية للحرمان، و من سأل فوق القدر، استحق المنع، و اعلموا أن كثير النصح يهبط على كثير الظنة، و إن قول الحق لم يترك لي صديقا.
أخرجه أبو نعيم في المعرفة [1/ 342- 343] من طريق المقدمي، عن علي ابن عبد الملك بن عمير، عن أبيه به، رقم 1065 مرسل.
و كذلك أخرجه ابن السكن- كما في الإصابة-: حدثنا ابن صاعد، حدثنا الحسن بن داود، عن محمد بن المنكدر، عن المقدمي به.
و قال الأموي في المغازي: حدثنا عمي، عن عبد اللّه بن زياد، حدثني بعض أصحابنا عن عبد الملك بن عمير به، و فيه الزيادة التي أشرنا إليها قريبا، و فيها أنه خرج إلى النبي (صلى الله عليه و سلم) و مات في الطريق.