نام کتاب : حدائق الأنوار و مطالع الأسرار في سيرة النبي المختار نویسنده : الحضرمي، محمد بن بحر جلد : 1 صفحه : 208
فقال قائل منهم: أرى أن تربطوه في الحديد، و تغلقوا دونه الأبواب حتّى يموت، و قال آخر: أرى أن تخرجوه من بين أظهركم، فتستريحوا منه، و إن قتله غيركم كفاكم شرّه، و إن ظفر بالعرب فعزّه عن عزّكم، فقال أبو جهل: الرّأي عندي أن تخرجوا له من كلّ قبيلة رجلا، فيقتلوه دفعة واحدة، فيتفرّق دمه في القبائل، فيعجز قومه عن طلب الثّأر به. فقال الشّيخ النّجديّ: هذا و اللّه هو الرّأي. فتفرّقوا على ذلك.
[الإذن بالهجرة]
فأخبر/ جبريل النّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم) بما قصدوا له، و أمره بالهجرة ليلة كذا، و هي اللّيلة الّتي علم اللّه سبحانه أنّهم يمكرون به فيها.
و في ذلك يقول اللّه سبحانه و تعالى: وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ- أي: يحبسوك- أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ- أي: يحاربهم اللّه- وَ اللَّهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ [سورة الأنفال 8/ 30] [1].
[الإسرار إلى أبي بكر رضي اللّه عنه بالهجرة]
و كان أبو بكر رضي اللّه عنه قد تجهّز للهجرة إلى (المدينة)، فقال له رسول اللّه (صلى اللّه عليه و سلم): «على رسلك- أي: أمهل- فإنّي أرجو أن يؤذن لي فيها». فعلف أبو بكر راحلتين كانتا عنده ورق التّمر [2].
[1] قلت: قد يقول قائل: ما بال الترتيب في هذه الآية لم يأتي على حسب الواقع، و لم وسّط اللّه القتل مع أنّه كان في المشاورة بدار النّدوة آخرا؟.
و الجواب: أنّ هذا من عجيب أسلوب القرآن، و بديع طريقته، ذلك أنّ الرّأي الّذي اختاروه هو القتل، فجاءت الآية على هذا النّسق البديع من توسيط القتل بين الحبس و الإخراج، لتدلّ الآية بوضعها و ترتيبها على الرّأي الوسط المختار، و هو سرّ من أسرار الإعجاز. فللّه ربّ التنزيل ما أكرمه و ما أبلغه.
[2] قلت: كان عند أبي بكر راحلتان، فقال أبو بكر للنّبيّ (صلى اللّه عليه و سلم): خذ بأبي
نام کتاب : حدائق الأنوار و مطالع الأسرار في سيرة النبي المختار نویسنده : الحضرمي، محمد بن بحر جلد : 1 صفحه : 208