إن الفرض كانت صلاة قبل طلوع الشمس و قبل غروبها. انتهى. و روى الحارث بن أسامة من طريق ابن لهيعة موصولا عن زيد بن حارثة: أن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) في أول ما أوحي إليه أتاه جبريل، فعلمه الوضوء، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه. و قد روى ابن ماجة بمعناه. و روى نحوه عن البراء بن عازب و ابن عباس و في حديث ابن عباس؛ و كان ذلك من أول الفريضة [1].
و قد ذكر ابن هشام أن النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) و أصحابه كانوا إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، و قد رأى أبو طالب النبي (صلّى اللّه عليه و سلم) و عليا يصليان مرة، فكلمهما في ذلك، و لما عرف جلية الأمر أمرهما بالثبات [2].
الخبر يبلغ إلى قريش إجمالا
يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع أن الدعوة- في هذه المرحلة- و إن كانت سرية و فردية، لكن بلغت أنباؤها إلى قريش، بيد أنها لم تكترث بها.
قال محمد الغزالي: و ترامت هذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتماما، و لعلها حسبت محمدا أحد أولئك الديانين، الذين يتكلمون في الألوهية و حقوقها، كما صنع أمية بن أبي الصلت، و قس بن ساعدة، و عمرو بن نفيل و أشباههم، إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره و امتداد أثره، و أخذت ترقب على الأيام مصيره و دعوته [3].
مرت ثلاث سنين و الدعوة لم تزل سرية و فردية، و خلال هذه الفترة تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة و التعاون، و تبليغ الرسالة و تمكينها من مقامها، ثم تنزل الوحي يكلّف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بمعالنته قومه، و مجابهة باطلهم و مهاجمة أصنامهم.
[1] مختصر سيرة الرسول للشيخ عبد اللّه النجدي ص 88.