هوازن إلى نحور الخيل شيئا، ارفعهم إلى ممتنع بلادهم و علياء قومهم، ثم ألق الصباة على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، و إن كانت عليك ألفاك ذلك و قد أحرزت أهلك و مالك.
و لكن مالكا- القائد العام- رفض هذا الطلب قائلا: و اللّه لا أفعل، إنك قد كبرت و كبر عقلك، و اللّه لتطيعني هوازن أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري، و كره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي، فقالوا: أطعناك. فقال دريد: هذا يوم لم أشهده و لم يفتني.
يا ليتني فيها جذع* * * أخب فيها و أضع
أقود و طفاء الدمع* * * كأنها شاة صدع
سلاح استكشاف العدو
و جاءت إلى مالك عيون كان قد بعثهم للاستكشاف عن المسلمين، جاءت هذه العيون و قد تفرقت أوصالهم. قال: ويلكم، ما شأنكم؟ قالوا: رأينا رجالا بيضا على خيل بلق، و اللّه ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى.
سلاح استكشاف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)
و نقلت الأخبار إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بمسير العدو، فبعث أبا حدرد الأسلمي، و أمره أن يدخل في الناس، فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم، ثم يأتيه بخبرهم، ففعل.
الرسول (صلّى اللّه عليه و سلم) يغادر مكة إلى حنين
و في يوم السبت- السادس من شهر شوال سنة 8 ه- غادر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) مكة- و كان ذلك اليوم التاسع عشر من يوم دخوله في مكة- خرج في اثني عشر ألفا من المسلمين، عشرة آلاف ممن كانوا خرجوا معه لفتح مكة، و ألفان من أهل مكة، و أكثرهم حديثو عهد بالإسلام، و استعار من صفوان بن أمية مائة درع بأداتها، و استعمل على مكة عتاب بن أسيد.
و لما كان عشية جاء فارس، فقال: إني طلعت جبل كذا و كذا، فإذا أنا بهوازن على بكرة أبيهم بظعنهم و نعمهم و شائهم، فتبسم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) و قال: «تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء اللّه»، و تطوع للحراسة تلك الليلة أنس بن أبي مرثد الغنوي [1].