بسهم فنزعه، و لم يبطل صلاته، حتى رشقة بثلاثة أسهم، فلم ينصرف منها حتى سلم، فأيقظ صاحبه، فقال: سبحان اللّه، هلا نبهتني، فقال: إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها. [1]
كان لهذه الغزوة أثر في قذف الرعب في قلوب الأعراب القساة، و إذا نظرنا إلى تفاصيل السرايا بعد هذه الغزوة، نرى أن هذه القبائل من غطفان لم تجترئ أن ترفع رأسها بعد هذه الغزوة، بل استكانت شيئا فشيئا حتى استسلمت، بل و أسلمت، حتى نرى عدة قبائل من هذه الأعراب، تقوم مع المسلمين في فتح مكة، و تغزو حنينا، و تأخذ من غنائمها، و يبعث إليها المصدقون فتعطي صدقاتها بعد الرجوع من غزوة الفتح، فبهذا تم كسر الأجنحة الثلاثة التي كانت ممثلة في الأحزاب، و ساد المنطقة الأمن و السلام، و استطاع المسلمون بعد ذلك أن يسدوا بسهولة كل خلل و ثلمة حدثت في بعض المناطق من بعض القبائل، بل بعد هذه الغزوة بدأت التمهيدات لفتوح البلدان و الممالك الكبيرة، لأن داخل البلاد كانت الظروف قد تطورت لصالح الإسلام و المسلمين.
[سرايا النبي ص في السنة السابعة]
و بعد الرجوع من هذه الغزوة أقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) إلى شوال سنة 7 ه. و بعث في خلال ذلك عدة سرايا. و هاك بعض تفصيلها:
1- سرية غالب بن عبد اللّه الليثي إلى بني الملوح بقديد
، في صفر أو ربيع الأول سنة 7 ه. كان بنو الملوح قد قتلوا أصحاب بشير بن سويد، فبعثت هذه السرية لأخذ الثأر. فشنوا الغارة في الليل فقتلوا من قتلوا، و ساقوا النعم، و طاردهم جيش كبير من العدو، حتى إذا قرب من المسلمين نزل مطر، فجاء سيل عظيم حال بين الفريقين. و نجح المسلمون في بقية الانسحاب.
2- سرية حسمي
في جمادي الثانية سنة 7 ه، و قد مضى ذكرها في مكاتبة الملوك.
3- سرية عمر بن الخطاب إلى تربة
في شعبان سنة 7 ه. و معه ثلاثون رجلا، كانوا يسيرون الليل و يستخفون في النهار، و أتى الخبر إلى هوازن فهربوا، و جاء عمر إلى محالهم، فلم يلق أحدا فانصرف راجعا إلى المدينة.
4- سرية بشير بن سعد الأنصاري إلى بني مرة بناحية فدك
في شعبان سنة 7 ه، في
[1] زاد المعاد 2/ 112، و انظر لتفصيل مباحث هذه الغزوة ابن هشام 2/ 203، إلى 209، زاد المعاد 2/ 110، 111، 112، فتح الباري 7/ 417 إلى 428.