و لأجل هذه المجاعة الشديدة التي ورد ذكرها في رواية ابن إسحاق كان رجال من الجيش قد ذبحوا الحمير، و نصبوا القدور على النيران، فلما علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) بذلك نهى عن لحوم الحمر الإنسية.
فتح قلعة الزبير
و بعد فتح حصن ناعم و الصعب تحول اليهود من كل حصون النطاة إلى قلعة الزبير، و هو حصن منيع في رأس قلة، لا تقدر عليه الخيل و الرجال لصعوبته و امتناعه، ففرض عليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم) الحصار، و أقام محاصرا ثلاثة أيام. فجاء رجل من اليهود، و قال: يا أبا القاسم إنك لو أقمت شهرا ما بالوا، إن لهم شرابا و عيونا تحت الأرض، يخرجون بالليل و يشربون منها، ثم يرجعون إلى قلعتهم فيمتنعون منك، فإن قطعت مشربهم عليهم أصحروا لك. فقطع ماءهم عليهم، فخرجوا فقاتلوا أشد القتال، قتل فيه نفر من المسلمين، و أصيب نحو العشرة من اليهود، و افتتحه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و سلم)
فتح قلعة أبي
و بعد فتح قلعة الزبير انتقل اليهود إلى قلعة أبي و تحصنوا فيه، و فرض المسلمون عليهم الحصار، و قام بطلان من اليهود واحد بعد الآخر بطلب المبارزة، و قد قتلهما أبطال المسلمين، و كان الذي قتل المبارز الثاني هو البطل المشهور أبو دجانة سماك بن خرشة الأنصاري صاحب العصابة الحمراء، و قد أسرع أبو دجانة بعد قتله إلى اقتحام القلعة، و اقتحم معه الجيش الإسلامي، و جرى قتال مرير ساعة داخل الحصن، ثم تسلل اليهود من القلعة، و تحولوا إلى حصن النزار آخر حصن في الشطر الأول.
فتح حصن النزار
كان هذا الحصن أمنع حصون هذا الشطر، و كان اليهود على شبه اليقين بأن المسلمين لا يستطيعون اقتحام هذه القلعة، و إن بذلوا قصارى جهدهم في هذا السبيل، و لذلك أقاموا في هذه القلعة مع الذراري و النساء، بينما كانوا قد أخلوا منها القلاع الأربعة السابقة.
و فرض المسلمون على هذا الحصن أشد الحصار، و صاروا يضغطون عليهم بعنف، و لكون الحصن يقع على جبل مرتفع منيع لم يكونوا يجدون سبيلا للاقتحام فيه، أما اليهود