responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الرحيق المختوم نویسنده : صفي الرحمن المباركفوري    جلد : 1  صفحه : 139

حتى أتوا عبد اللّه بن أبي بن سلول، فجعل يقول: هذا باطل، و ما كان هذا، و ما كان قومي ليفتاتوا على مثل هذا، لو كنت بيثرب ما صنع قومي هذا حتى يؤامروني.

أما المسلمون فنظر بعضهم إلى بعض، ثم لاذوا بالصمت، فلم يتحدث أحد منهم بنفي أو إثبات.

و مال زعماء قريش إلى تصديق المشركين، فرجعوا خائبين.

تأكد الخبر لدى قريش و مطاردة المبايعين‌

عاد زعماء مكة و هم على شبه اليقين من كذب هذا الخبر، لكنهم لم يزالوا يتنطسونه- يكثرون البحث عنه و يدققون النظر فيه- حتى تأكد لديهم أن الخبر صحيح، و البيعة قد تمت فعلا. و ذلك بعد ما نفر الحجيج إلى أوطانهم، فسارع فرسانهم بمطاردة اليثربيين، و لكن بعد فوات الأوان، إلا أنهم تمكنوا من رؤية سعد بن عبادة و المنذر بن عمرو، فطاردوهما، فأما المنذر فأعجز القوم، و أما سعد فألقوا القبض عليه، فربطوا يديه إلى عنقه بنسع رحله، و جعلوا يضربونه و يجرونه و يجرون شعره حتى أدخلوه مكة، فجاء المطعم بن عدي و الحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من أيديهم. إذ كان سعد يجير لهما قوافلهما المارة بالمدينة، و تشاورت الأنصار حين فقدوه أن يكروا إليه، فإذا هو قد طلع عليهم، فوصل القوم جميعا إلى المدينة [1].

هذه هي بيعة العقبة الثانية- التي تعرف ببيعة العقبة الكبرى- و قد تمت في جو تعلوه عواطف الحب و الولاء و التناصر بين أشتات المؤمنين، و الثقة و الشجاعة و الاستبسال في هذا السبيل، فمؤمن من أهل يثرب يحنو على أخيه المستضعف في مكة، و يتعصب له، و يغضب من ظالمه، و تجيش في حناياه مشاعر الود لهذا الأخ الذي أحبه بالغيب في ذات اللّه.

و لم تكن هذه المشاعر و العواطف نتيجة نزعة عابرة تزول على مر الأيام، بل كان مصدرها هو الإيمان باللّه و برسوله و بكتابه، إيمان لا يزول أمام أي قوة من قوات الظلم و العدوان، إيمان إذا هبت ريحه جاءت بالعجائب في العقيدة و العمل، و بهذا الإيمان استطاع المسلمون أن يسجلوا على أوراق الدهر أعمالا، و يتركوا عليها آثارا، خلا عن نظائرها الغابر و الحاضر، و سوف يخلو المستقبل.


[1] زاد المعاد 2/ 51، ابن هشام 1/ 448، 449، 450.

نام کتاب : الرحيق المختوم نویسنده : صفي الرحمن المباركفوري    جلد : 1  صفحه : 139
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست