و كانت هجرتهم على رأي سيدهم و كبيرهم عمران بن عمرو مزيقباء فساروا يتنقلون في بلاد اليمن و يرسلوها الرواد، ثم ساروا بعد ذلك إلى الشمال. و هاك تفصيل الأماكن التي سكنوا فيها بعد الرحلة نهائيا: عطف ثعلبة بن عمرو من الأزد نحو الحجاز، فأقام بين الثعلبية و ذي قار، و لما كبر ولده و قوي ركنه سار نحو المدينة، فأقام بها و استوطنها. و من أبناء ثعلبة هذا: الأوس و الخزرج، ابنا حارثة بن ثعلبة.
و انتقل منهم حارثة بن عمرو- و هو خزاعة- و بنوه في ربوع الحجاز، حتى نزلوا بمر الظهران، ثم افتتحوا الحرم فقطنوا مكة و أجلوا سكانها الجراهمة.
و نزل عمران بن عمرو في عمان، و استوطنها هو و بنوه، و هم أزد عمان، و أقامت قبائل لفر بن الأزد بتهامة، و هم أزد شنوءة.
و سار جفنة بن عمرو إلى الشام فأقام بها و هو و بنوه، و هو أبو الملوك الغساسنة. نسبة إلى ماء في الحجاز يعرف بغسان كانوا قد نزلوا بها أولا قبل تنقلهم إلى الشام.
2- لخم و جذام:
و كان في اللخميين نصر بن ربيعة أبو الملوك المناذرة بالحيرة.
3- بنو طيء:
ساروا بعد مسير الأزد نحو الشمال حتى نزلوا بالجبلين أجا و سلمى، و أقاموا هناك، حتى عرف الجبلان بجبلي طيء.
4- كندة:
نزلوا بالبحرين، ثم اضطروا إلى مغادرتها فنزلوا بحضر موت، و لاقوا هناك ما لاقوا بالبحرين، ثم نزلوا نجد، و كونوا هناك حكومة كبيرة الشأن و لكنها سرعان ما فنيت و ذهبت آثارها.
و هناك قبيلة من حمير مع اختلاف في نسبتها إليه- و هي قضاعة- هجرت اليمن و استوطنت بادية السماوة من مشارف العراق [1].
[3- العرب المستعربة:]
و أما العرب المستعربة فأصل جدهم الأعلى- و هو سيدنا إبراهيم (عليه السلام)- من بلاد العراق، و من بلدة يقال لها: «أر» على الشاطئ الغربي من نهر الفرات، بالقرب من الكوفة، و قد جاءت الحفريات و التنقيبات بتفاصيل واسعة عن هذه البلدة و عن أسرة إبراهيم (عليه السلام)، و عن الأحوال الدينية و الاجتماعية في تلك البلاد [2].
[1] انظر لتفصيل هذه القبائل و هجراتها: محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية للخضري 1/ 11- 13 و قلب جزيرة العرب ص 231 إلى 235- و اختلفت المصادر التاريخية اختلافا كبيرا في تعيين زمن هذه الهجرات و أسبابها و بعد إدارة النظر من جميع الجوانب أثبتنا ما ترجح عندنا في هذا الباب من حيث الدليل.
[2] تفهيم القرآن للسيد أبي الأعلى المودودي 1/ 553، 554، 555، 556.