responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 53
فِطْرَةَ اللَّهِ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ: سُنَّةَ اللَّهِ، وَقِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْخِتَانَ لِأَنَّهُ يَصْبُغُ صاحبه بالدم، وقال ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ أَنَّ النَّصَارَى إذا ولد لأحدهم ولد فاتت عَلَيْهِ سَبْعَةُ أَيَّامٍ غَمَسُوهُ فِي مَاءٍ لَهُمْ أَصْفَرُ، يُقَالُ لَهُ المعمودية، وَصَبَغُوهُ بِهِ لِيُطَهِّرُوهُ بِذَلِكَ الْمَاءِ مَكَانَ الْخِتَانِ، فَإِذَا فَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ قَالُوا: الْآنَ صَارَ نَصْرَانِيًّا حَقًّا، فَأَخْبَرَ اللَّهُ أَنَّ دِينَهُ الْإِسْلَامُ لَا مَا يَفْعَلُهُ النَّصَارَى، وَهُوَ نَصْبٌ عَلَى الْإِغْرَاءِ، يَعْنِي الزموا دين اللَّهِ {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} [البقرة: 138] دِينًا وَقِيلَ: تَطْهِيرًا. {وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ} [البقرة: 138] مطيعون.
[139] {قُلْ} [البقرة: 139] يَا مُحَمَّدُ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: {أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ} [البقرة: 139] أَيْ فِي دِينِ اللَّهِ وَالْمُحَاجَّةُ: الْمُجَادَلَةُ فِي اللَّهِ لِإِظْهَارِ الْحُجَّةِ، وَذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا مِنَّا وَعَلَى دِينِنَا، وَدِينُنَا أقدم فنحن أولى بالله منكم {وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ} [البقرة: 139] أَيْ: نَحْنُ وَأَنْتُمْ سَوَاءٌ فِي اللَّهِ فَإِنَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ، {وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ} [البقرة: 139] أَيْ: لِكُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءُ عَمَلِهِ فَكَيْفَ تَدَّعُونَ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِاللَّهِ، {وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ} [البقرة: 139] وَأَنْتُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الْإِخْلَاصُ أَنْ يُخْلِصَ الْعَبْدُ دِينَهُ وَعَمَلَهُ فَلَا يُشْرِكَ بِهِ فِي دِينِهِ وَلَا يُرَائِيَ بعمله.
[140] قال الله تعالى: {أَمْ تَقُولُونَ} [البقرة: 140] يَعْنِي: أَتَقُولُونَ، صِيغَةُ اسْتِفْهَامٍ، وَمَعْنَاهُ التوبيخ {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ} [البقرة: 140] يا محمد {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ} [البقرة: 140] بدينهم {أَمِ اللَّهُ} [البقرة: 140] وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا. {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ} [البقرة: 140] أَخْفَى {شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [البقرة: 140] وَهِيَ عِلْمُهُمْ بِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَبَنِيهِ كَانُوا مُسْلِمِينَ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ وَرَسُولٌ أشهدهم عَلَيْهِ فِي كُتُبِهِمْ، {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 140]
[141] {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [البقرة: 141] كَرَّرَهُ تَأْكِيدًا.

[قَوْلُهُ تَعَالَى سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَن] قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا. . . .
[142] قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ} [البقرة: 142] الْجُهَّالُ {مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ} [البقرة: 142] أي شيء صَرَفَهُمْ وَحَوَّلَهُمْ {عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} [البقرة: 142] يَعْنِي بَيْتَ الْمَقْدِسِ، وَالْقِبْلَةُ فِعْلَةٌ مِنَ الْمُقَابَلَةِ نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ وَمُشْرِكِي مَكَّةَ، طَعَنُوا فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ مِنْ بَيْتِ الْمَقْدِسِ إِلَى مَكَّةَ فَقَالُوا لِمُشْرِكِي مَكَّةَ: قَدْ تَرَدَّدَ عَلَى مُحَمَّدٍ أَمْرُهُ فَاشْتَاقَ إِلَى مَوْلِدِهِ وَقَدْ تَوَجَّهَ نَحْوَ بَلَدِكُمْ، وَهُوَ رَاجِعٌ إِلَى دِينِكُمْ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ} [البقرة: 142] ملكا وَالْخَلْقُ عَبِيدُهُ، {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142]
[143] {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: 143] أَيْ: كَمَا اخْتَرْنَا إِبْرَاهِيمَ وَذُرِّيَّتَهُ واصطفيناهم، كذلك جعلناكم أمة وسطا، أَيْ: عَدْلًا خِيَارًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَالَ أَوْسَطُهُمْ} [الْقَلَمِ: 28] أَيْ خَيْرُهُمْ وَأَعْدَلُهُمْ، وَخَيْرُ الْأَشْيَاءِ أَوْسَطُهَا، وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي أَهْلَ دِينٍ وَسَطٍ بَيْنِ الْغُلُوِّ وَالتَّقْصِيرِ لِأَنَّهُمَا مذمومان في الدين قَوْلُهُ تَعَالَى: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} [البقرة: 143] يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ بلغتهم، {وَيَكُونَ الرَّسُولُ} [البقرة: 143] مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [البقرة: 143] معدلا مزكيا لكم، قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا} [البقرة: 143] أي: تحويلها؟ يعني عن بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي لِلْجَعْلِ مَحْذُوفًا عَلَى تَقْدِيرِ: وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا مَنْسُوخَةً، وَقِيلَ مَعْنَاهُ الَّتِي أَنْتَ عَلَيْهَا وَهِيَ الْكَعْبَةُ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} [آل عمران: 110] أَيْ: أَنْتُمْ {إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ} [البقرة: 143] فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {إِلَّا لِنَعْلَمَ} [البقرة: 143] وَهُوَ عَالِمٌ بِالْأَشْيَاءِ كُلِّهَا قَبْلَ كَوْنِهَا؟ قِيلَ: أَرَادَ بِهِ الْعِلْمَ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ الثَّوَابُ وَالْعِقَابُ، فَإِنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِمَا هُوَ عَالِمٌ بِهِ فِي الْغَيْبِ، إِنَّمَا يتعلق بما يوجد معناه لنعلم الْعِلْمَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ عَلَيْهِ الثَّوَابَ وَالْعِقَابَ، وَقِيلَ: إِلَّا لِنَعْلَمَ أَيْ: لِنَرَى وَنُمَيِّزَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ فِي

نام کتاب : مختصر تفسير البغوي المسمي بمعالم التنزيل نویسنده : عبد الله الزيد    جلد : 1  صفحه : 53
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست