responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 611
الْكَافِرِينَ؟ إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ: الدَّرْكِ بِسُكُونِ الرَّاءِ، وَقَرَأَ غَيْرُهُمْ:
بِتَحْرِيكِهَا. قَالَ أَبُو عَلِيٍّ: هُمَا لُغَتَانِ، وَالْجَمْعُ: أَدْرَاكٌ وَقِيلَ: جَمْعُ الْمُحَرَّكِ: أَدْرَاكٌ، مِثْلَ: جَمَلٍ وَأَجْمَالٍ، وَجَمْعُ السَّاكِنِ: أَدْرُكٌ، مِثْلَ: فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَالتَّحْرِيكُ أَفْصَحُ. وَالدَّرْكُ: الطَّبَقَةُ. وَالنَّارُ دَرْكَاتٌ سَبْعٌ، فَالْمُنَافِقُ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْهَا، وَهِيَ الْهَاوِيَةُ، لِغِلَظِ كُفْرِهِ وَكَثْرَةِ غَوَائِلِهِ، وَأَعْلَى الدَّرَكَاتِ:
جَهَنَّمُ، ثُمَّ الْحُطَمَةُ، ثُمَّ السَّعِيرُ، ثُمَّ سَقَرُ، ثُمَّ الْجَحِيمُ، ثُمَّ الْهَاوِيَةُ. وَقَدْ تُسَمَّى جَمِيعَهَا بِاسْمِ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ عَذَابِهَا وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً يُخَلِّصُهُمْ مِنْ ذَلِكَ الدَّرْكِ، وَالْخِطَابُ لِكُلِّ مَنْ يَصْلُحُ لَهُ، أَوْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وَسَلَّمَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا اسْتِثْنَاءٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ، أَيْ: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا عَنِ النِّفَاقِ وَأَصْلَحُوا مَا أَفْسَدُوا مِنْ أَحْوَالِهِمْ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ أَيْ: جَعَلُوهُ خَالِصًا لَهُ غَيْرَ مَشُوبٍ بِطَاعَةِ غَيْرِهِ. وَالِاعْتِصَامُ بِاللَّهِ: التَّمَسُّكُ بِهِ وَالْوُثُوقُ بِوَعْدِهِ، والإشارة بقوله: فَأُولئِكَ إِلَى الَّذِينَ تَابُوا وَاتَّصَفُوا بِالصِّفَاتِ السَّابِقَةِ.
قَوْلُهُ: مَعَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ الْفَرَّاءُ: أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَعْنِي الَّذِينَ لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُمْ نِفَاقٌ أَصْلًا. قال القتبي:
حَادَ عَنْ كَلَامِهِمْ غَضَبًا عَلَيْهِمْ فَقَالَ: فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَقُلْ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ. انْتَهَى. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى: مَعَ، مُعْتَبَرٍ هُنَا، أَيْ: فَأُولَئِكَ مُصَاحِبُونَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. ثُمَّ بَيَّنَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِلْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ هَؤُلَاءِ مَعَهُمْ فَقَالَ: وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً وَحُذِفَتِ الْيَاءُ مِنْ يُؤْتَ فِي الْخَطِّ كَمَا حُذِفَتْ فِي اللَّفْظِ: لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ اللام بعدها، ومثله: يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ [1] وسَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ [2] ويَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ [3] وَنَحْوُهَا، فَإِنَّ الْحَذْفَ فِي الْجَمِيعِ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ. قَوْلُهُ: مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُتَضَمِّنَةٌ لِبَيَانِ: أَنَّهُ لَا غَرَضَ لَهُ سُبْحَانَهُ فِي التَّعْذِيبِ إِلَّا مُجَرَّدَ الْمُجَازَاةِ لِلْعُصَاةِ. وَالْمَعْنَى: أَيْ مَنْفَعَةٌ لَهُ فِي عَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ؟ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَزِيدُ فِي مُلْكِهِ، كَمَا أَنَّ تَرْكَ عَذَابِكُمْ لَا يَنْقُصُ مِنْ سُلْطَانِهِ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً أَيْ: يَشْكُرُ عِبَادَهُ عَلَى طَاعَتِهِ، فَيُثِيبُهُمْ عَلَيْهَا، وَيَتَقَبَّلُهَا مِنْهُمْ. وَالشُّكْرُ فِي اللغة: الظهور، يقال دابة شَكُورٌ: إِذَا ظَهَرَ مِنْ سِمَنِهَا فَوْقَ مَا تُعْطَى مِنَ الْعَلَفِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ
الْآيَةَ، قَالَ:
يُلْقِي عَلَى مُؤْمِنٍ وَمُنَافِقٍ نُورٌ يَمْشُونَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى إِذَا انْتَهَوْا إِلَى الصِّرَاطِ طُفِئَ نُورُ الْمُنَافِقِينَ، وَمَضَى الْمُؤْمِنُونَ بِنُورِهِمْ، فَتِلْكَ خَدِيعَةُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ نَحْوَهُ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوَهُ أَيْضًا، وَلَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ جَاءَ لَهُمْ هَذَا التَّفْسِيرِ، فَإِنَّ مِثْلَهُ لَا يُنْقَلُ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ فِي الْآيَةِ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ وَأَبِي عَامِرِ بْنِ النُّعْمَانِ. وَقَدْ وَرَدَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَصْفُ صَلَاةِ الْمُنَافِقِ، وَأَنَّهُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ بَيْنَ قَرْنَيْ شَيْطَانٍ قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا لَا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ قَالَ: هُمُ الْمُنَافِقُونَ لَا إِلى هؤُلاءِ يَقُولُ: لَا إِلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ وَلا إِلى هؤُلاءِ الْيَهُودِ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَثَلَ الْمُنَافِقِ مَثَلُ الشَّاةِ الْعَائِرَةِ [4] بَيْنَ الْغَنَمَيْنِ تَعِيرُ إِلَى هَذِهِ مَرَّةً وَإِلَى هذه مرّة، فلا تدري

[1] القمر: 6.
[2] العلق: 18.
[3] ق: 41.
[4] العائرة: المترددة بين قطيعين.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 611
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست