responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 466
يَفْعَلَهُ بِهِمْ لَوْ كَانَ ظُلْمًا لَكَانَ عَظِيمًا، فَنَفَاهُ عَلَى حَدِّ عِظَمِهِ لَوْ كَانَ ثَابِتًا. قَوْلُهُ: الَّذِينَ قالُوا هُوَ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: هُمُ الَّذِينَ قَالُوا: وَقِيلَ: نَعْتٌ لِلْعَبِيدِ، وَقِيلَ: مَنْصُوبٌ عَلَى الذَّمِّ وَقِيلَ: هُوَ فِي مَحَلِّ جَرِّ بَدَلٍ مِنْ لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا، وَهُوَ ضَعِيفٌ، لِأَنَّ الْبَدَلَ هُوَ الْمَقْصُودُ دُونَ الْمُبْدَلِ مِنْهُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ هُنَا، وَالْقَائِلُونَ هَؤُلَاءِ: هُمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الْيَهُودِ كَمَا سَيَأْتِي، وَهَذَا الْمَقُولُ: وَهُوَ أَنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْهِمْ أَنْ لَا يُؤْمِنُوا لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَهُمْ بِالْقُرْبَانِ، هُوَ مِنْ جُمْلَةِ دَعَاوِيهِمُ الْبَاطِلَةِ. وَقَدْ كَانَ دَأْبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُقَرِّبُونَ الْقُرْبَانَ، فَيَقُومُ النَّبِيُّ فَيَدْعُو، فَتَنْزِلُ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ فَتَحْرِقُهُ، وَلَمْ يَتَعَبَّدِ اللَّهُ بِذَلِكَ كُلَّ أَنْبِيَائِهِ، وَلَا جَعَلَهُ دَلِيلًا عَلَى صِدْقِ دَعْوَى النُّبُوَّةِ، وَلِهَذَا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ مِنَ الْقُرْبَانِ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ كَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، وَشِعْيَاءَ، وَسَائِرِ مَنْ قُتِلُوا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَالْقُرْبَانُ: مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللَّهِ مِنْ نَسِيكَةٍ وَصَدَقَةٍ وَعَمَلٍ صَالِحٍ، وَهُوَ فُعْلَانٌ مِنَ الْقُرْبَةِ.
ثُمَّ سلى الله رسوله صلّى الله عليه وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ. وَالزُّبُرِ: جَمْعُ زَبُورٍ، وَهُوَ الْكِتَابُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ: الْوَاضِحِ الْجَلِيِّ الْمُضِيءِ، يُقَالُ: نَارَ الشَّيْءَ، وَأَنَارَ، وَنَوَّرَهُ، وَاسْتَنَارَهُ، بِمَعْنًى.
وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ إِسْحَاقَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: دَخَلَ أبو بكر بيت المدارس فَوَجَدَ يَهُودَ قَدِ اجْتَمَعُوا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: فِنْحَاصُ، وَكَانَ مِنْ عُلَمَائِهِمْ وَأَحْبَارِهِمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَيْحَكَ يَا فِنْحَاصُ! اتَّقِ الله وأسلم، فو الله إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ تَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَكُمْ فِي التَّوْرَاةِ، فَقَالَ فِنْحَاصُ: وَاللَّهِ يَا أَبَا بَكْرٍ! مَا بِنَا إِلَى اللَّهِ مِنْ فَقْرٍ وَإِنَّهُ إِلَيْنَا لَفَقِيرٌ، وَمَا نَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ كَمَا يَتَضَرَّعُ إِلَيْنَا وَإِنَّا عَنْهُ لَأَغْنِيَاءُ، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا عَنَّا مَا اسْتَقْرَضَ مِنَّا كَمَا يَزْعُمُ صَاحِبُكُمْ، يَنْهَاكُمْ عَنِ الرِّبَا وَيُعْطِينَا، وَلَوْ كَانَ غَنِيًّا عَنَّا مَا أَعْطَانَا الرِّبَا فَغَضِبَ أَبُو بَكْرٍ، فَضَرَبَ وَجْهَ فِنْحَاصٍ ضَرْبَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ:
لَوْلَا الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ، لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ يَا عَدُوَّ اللَّهِ! فَذَهَبَ فِنْحَاصُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ! انْظُرْ مَا صَنَعَ صَاحِبُكَ بِي، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْرٍ: مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! قَالَ قَوْلًا عَظِيمًا، يَزْعُمُ: أَنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ، وَأَنَّهُمْ عَنْهُ أَغْنِيَاءُ، فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ، غَضِبْتُ لِلَّهِ مِمَّا قَالَ، فَضَرَبْتُ وَجْهَهُ، فَجَحَدَ فِنْحَاصُ فَقَالَ: مَا قُلْتُ ذَلِكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيمَا قَالَ فِنْحَاصُ تَصْدِيقًا لِأَبِي بَكْرٍ: لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا الْآيَةَ، وَنَزَلَ فِي أَبِي بَكْرٍ وَمَا بَلَغَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ الْغَضَبِ: وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً [1] الآية. وَقَدْ أَخْرَجَ هَذِهِ الْقِصَّةَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عِكْرِمَةَ، وَأَخْرَجَهَا ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ السُّدِّيِّ بِأَخْصَرَ مِنْ ذَلِكَ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَالضِّيَاءُ فِي الْمُخْتَارَةِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَتَتِ الْيَهُودُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً [2] فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ! أَفَقِيرٌ رَبُّكَ يَسْأَلُ عِبَادَهُ الْقَرْضَ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ الْقَائِلَ لِهَذِهِ الْمَقَالَةِ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ وَأَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ بَدْرٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ: وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وهم لم يدركوا

[1] آل عمران: 186.
[2] البقرة: 245.
نام کتاب : فتح القدير للشوكاني نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 466
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست