الوقف قطع
الكلمة اسما أو فعلا أو حرفا عما بعدها ولو فرضا ، وله عند أكثر الأئمة خمس مراتب
: لازم ، ومطلق وجائز ، ومجوّز لوجه ، ومرخّص ضرورة.
فاللازم من
الوقف ما لو وصل طرفاه غيّر المرام وشنّع الكلام ، كقوله تعالى : (وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة : ٨] إذ لو وصل بقوله (يُخادِعُونَ اللهَ) [البقرة : ٩] صارت الجملة صفة «للمؤمنين» ، فانتفى الخداع عنهم وتقرّر
الإيمان خالصا عن الخداع ، كما تقول : ما هو بمؤمن مخادع. ومراد الله جلّ ذكره نفي
الإيمان وإثبات الخداع. وفي نظائر ذلك كثرة يوصلك المرور بها إلى العثور عليها.
والمطلق ما
يحسن الابتداء بما بعده ؛ كالاسم المبتدأ به ، نحو (اللهُ يَجْتَبِي
إِلَيْهِ مَنْ يَشاءُ) [الشورى : ١٣] وكالفعل المستأنف مع السين ، نحو (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ) [البقرة : ١٤٢] (سَيَجْعَلُ اللهُ
بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً) [الطلاق : ٩] وبغير السين ، نحو (يَعْبُدُونَنِي لا
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) [النور : ٥٥] إلى غير ذلك من النظائر.
والجائز ما
يتجاذب فيه طرفا الوصل والوقف ، مثل (وَما أُنْزِلَ مِنْ
قَبْلِكَ) [النساء : ٦٠] ، لأن واو العطف تقتضي الوصل ، وتقديم المفعول على الفعل
يقطع النظم فإن التقدير : ويوقنون بالآخرة.
والمجوّز
لوجه ، مثل (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا
الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ) [البقرة : ٨٦] لأن الفاء في قوله (فَلا يُخَفَّفُ
عَنْهُمُ) [البقرة : ٨٦] والتعقيب يتضمن معنى الجواب والجزاء ؛ وذلك يوجب الوصل. إلا
أن نظم الفعل على الاستئناف يرى للفصل وجها.
والمرخّص ضرورة
، ما لا يستغني ما بعده عما قبله ، لكن يرخص الوقف ضرورة انقطاع النفس لطول الكلام
، ولا يلزمه الوصل بالعود ، لأن ما بعده جملة مفهومة ، كقوله (وَالسَّماءَ بِناءً) [البقرة : ٢٢] لأن قوله «وأنزل» لا يستغني عن سياق الكلام ؛ فإن فاعله