responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    جلد : 1  صفحه : 194

النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم اقتضى أن يكون الشخص الواحد الأمي الذي هو مثله عاجزا ، ولا شك أن الإعجاز على الوجه الأول أقوى ، ولا سيما فإنه يلزم من الوجه الثاني تقرير نقص للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وإيهام أنّ الإتيان بالقرآن ممن يكون قارئا ممكن. وأيضا الأول هو الملائم لقوله «وادعوا شهداءكم» إذ لو كان المراد فليأت واحد آخر أمي بنحو ما أتى به هذا الواحد ، لم يحتج أن يستظهر بالشهداء وهي جمع شهيد بمعنى الحاضر أو القائم بالشهادات. والمراد بها إما آلهتهم كأنه قيل : إن كان الأمر كما تقولون من أنها تستحق العبادة لما أنها تنفع وتضر فقد دفعتم في منازعة محمد إلى فاقة شديدة فتعجلوا الاستعانة بها ، وإلا فاعلموا أنكم مبطلون فيكون في الكلام محاجة من جهتين : من جهة إبطال كونها آلهة ، ومن جهة إبطال ما أنكروه من إعجاز القرآن. وإما أكابرهم ورؤساؤهم أي ادعوهم ليعينوكم على المعارضة ، أو ليحكموا لكم وعليكم. ومعنى «دون» أدنى مكان من الشيء ، ومنه الشيء الدون وهو الحقير ، ودوّن الكتب إذا جمعها بتقليل المسافة بينها. ويقال هذا دون ذلك إذا كان أحط منه قليلا ، ودونك هذا أي خذه من دونك أي من أدنى مكان منك ، فاختصر واستعير للتفاوت في الأحوال والرتب. وقيل : زيد دون عمرو في الشرف والعلم ، ومنه قول من قال لعدوّه وقد كان يثني عليه رياء : أنا دون هذا وفوق ما في نفسك. واتسع فيه فاستعمل في كل تجاوز حد إلى حد وتخطى حكم إلى حكم. قال الله تعالى : (لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران : ٢٨] أي لا يتجاوزوا ولاية المؤمنين إلى ولاية الكافرين.

و «من دون الله» متعلق بـ «شهداءكم» أو بـ «ادعوا» وعلى الأول يحتمل ثلاثة معان : ادعوا الذين اتخذتموهم آلهة من دون الله وزعمتم أنهم يشهدون لكم يوم القيامة أنكم على الحق ، أو ادعوا الذين زعمتم أنهم يشهدون لكم بين يدي الله من قول الأعشى :

تريك القذى من دونها وهي دونه

أي تريك القذى قدام الزجاجة والحال أن الخمر قدام القذى لرقتها وصفائها ، وفي أمرهم أن يستظهروا بالجماد الذي لا ينطق في معارضة القرآن المعجز بفصاحته غاية التهكم بهم ، أو ادعوا شهداءكم من دون الله أي من دون أوليائه ومن غير المؤمنين ليشهدوا لكم أنكم أتيتم بمثله ، وهذا من المساهلة وإرخاء العنان والإشعار بأن شهداءهم ـ وهم فرسان البلاغة ـ تأبى بهم الطباع وتجمح بهم الإنسانية والأنفة أن يرضوا لأنفسهم الشهادة بصحة الفاسد. وعلى الثاني يحتمل معنيين : ادعوا من دون الله شهداءكم يعني لا تستشهدوا بالله ولا تقولوا الله

نام کتاب : تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان نویسنده : القمي النيسابوري، نظام الدين الحسن    جلد : 1  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست