responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 357
فِي حُكْمِ الشَّرِيعَةِ الْإِسْلَامِيَّةِ بِاحْتِرَامِ كَنَائِسِ أَهْلِ الْكِتَابِ
وَبِيَعِهِمْ وَصَوَامِعِهِمْ وَعُبَّادِهِمْ، وَاحْتِرَامِ مَعَابِدِ الَّذِينَ لَهُمْ شُبْهَةُ كِتَابٍ أَيْضًا كَالْمَجُوسِ وَالصَّابِئِينَ، بَلِ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ يَعُدُّ الصَّابِئِينَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَمَّا الْوَثَنِيُّونَ الْخُلَّصُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِيَاءَ وَيَبْنُونَ الْمَسَاجِدَ لِذِكْرِ غَيْرِهِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى سِوَاهُ، فَهَؤُلَاءِ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهِمْ وَلَمْ يَتَوَعَّدْ مَنْ يَمْنَعُهُمْ مِنْ سُخْفِهِمْ.
(أَقُولُ) : لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ يَجِبُ هَدْمُ مَا بُنِيَ مِنَ الْمَسَاجِدِ وَالْقِبَابِ عَلَى قُبُورِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ آلِ الْبَيْتِ، وَأَئِمَّةِ الْفِقْهِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَارْتَكَبُوا فِيهَا الْمَحْظُورَاتِ الْكَثِيرَةَ الَّتِي يُعَدُّ بَعْضُهَا مِنَ الشِّرْكِ الصَّرِيحِ وَبَعْضُهَا مِنَ الْبِدَعِ وَالْمَعَاصِي، وَلَا سِيَّمَا الْمَعَاصِي الَّتِي تُفْعَلُ تَدَيُّنًا وَتَقَرُّبًا وَتَوَسُّلًا إِلَى اللهِ - تَعَالَى -، كَمَا تَرَى فِي كِتَابِ الزَّوَاجِرِ لِلْفَقِيهِ ابْنِ حَجَرٍ مِنْ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِهِمْ، وَفِي كَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ الْحَنَابِلَةِ وَيَحْتَجُّونَ بِهَدْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِمَسْجِدِ الضِّرَارِ، إِنَّمَا يَعْنِي شَيْخُنَا بِتَعْطِيلِ الْمَسَاجِدِ هُنَا إِبْطَالَ التَّدَيُّنِ وَالْعِبَادَةِ مُطْلَقًا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، لَا إِبْطَالَ الْبِدَعِ الَّتِي شَوَّهَتِ الْإِسْلَامَ.
ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى - فِي شَأْنِ الْمُعْتَدِينَ عَلَى الْمَسَاجِدِ: (أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ) أَيْ فَكَيْفَ يَدْخُلُونَهَا مُفْسِدِينَ وَمُخَرِّبِينَ؟ وَلَا يَنْبَغِي لِلْعَاقِلِ أَنْ يُقْدِمَ عَلَى أَمْرٍ إِلَّا بَعْدَ النَّظَرِ فِيهِ وَالْعِلْمِ بِدَرَجَةِ نَفْعِهِ أَوْ ضَرِّهِ. وَمَا كَانَتْ عِبَادَةُ اللهِ - تَعَالَى - إِلَّا نَافِعَةً وَمَا كَانَ تَرْكُهَا إِلَّا ضَارًّا.
وَمَا عَسَاهُ يُوجَدُ فِي عِبَادَاتِ الْأُمَمِ مِنَ الْخُرَافَاتِ الضَّارَّةِ، فَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ مِنْهُ مَا فِيهِ مِمَّا يُبْعِدُ عَنْ عِبَادَةِ اللهِ - تَعَالَى -، وَيُوقِعُ فِي إِشْرَاكِ غَيْرِهِ فِيهَا، عَلَى أَنَّ الْعِبَادَةَ الْمَمْزُوجَةَ بِنَزَغَاتِ الْوَثَنِيَّةِ أَهْوَنُ مِنَ التَّعْطِيلِ الْقَاضِي بِالْجُحُودِ الْمُطْلَقِ؛ لِذَلِكَ تَوَعَّدَ اللهُ - تَعَالَى - أُولَئِكَ الْمُعْتَدِينَ الظَّالِمِينَ بِقَوْلِهِ: (لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فَأَمَّا خِزْيُ الدُّنْيَا فَهُوَ مَا يُعْقِبُهُ الظُّلْمُ مِنْ فَسَادِ الْعُمْرَانِ، الْمُفْضِي إِلَى الذُّلِّ وَالْهَوَانِ، وَنَاهِيكَ بِظُلْمٍ يَحِلُّ الْقُيُودَ وَيَهْدِمُ الْحُدُودَ، وَيُغْرِي النَّاسَ بِالْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِمْ سُبُلَ الشُّرُورِ وَالْمُوبِقَاتِ، وَهُوَ ظُلْمُ إِبْطَالِ الْعِبَادَةِ مِنَ الْمَسَاجِدِ، وَالسَّعْيِ فِي خَرَابِ الْمَعَابِدِ، إِذَا وَقَعَ هَذَا الظُّلْمُ كَانَ الْحَاكِمُ الظَّالِمُ مَخْذُولًا فِي حُكْمِهِ، وَالْفَاتِحُ الظَّالِمُ غَيْرَ أَمِينٍ فِي فَتْحِهِ، وَإِذَا أَرَدْتَ
تَطْبِيقَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ نُسِبَ إِلَيْهِمْ هَذَا الظُّلْمُ فَانْظُرْ مَاذَا حَلَّ بِالرُّومَانِيِّينَ، وَمَاذَا كَانَتْ عَاقِبَةُ الْعَرَبِ الْمُشْرِكِينَ، وَبِمَاذَا انْتَهَى عُدْوَانُ الصَّلِيبِيِّينَ، وَكَيْفَ انْقَرَضَ حِزْبُ الْقَرَامِطَةِ الْمُجْرِمِينَ، وَأَمَّا عَذَابُ الْآخِرَةِ فَاللهُ أَعْلَمُ بِهِ، وَنَحْنُ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.
ثُمَّ قَالَ - تَعَالَى -: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ) ، ذَهَبَ الْمُفَسِّرُ (الْجَلَالُ) إِلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ الْأَرْضُ كُلُّهَا؛ لِأَنَّهُمَا نَاحِيَتَاهَا، وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: (فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) أَيْ أَيَّ مَكَانٍ تَسْتَقْبِلُونَهُ فِي صَلَاتِكُمْ فَهُنَاكَ وَجْهُ الْقِبْلَةِ الَّتِي أَمَرَ اللهُ بِأَنْ يُتَوَجَّهَ إِلَيْهَا. وُوَجَّهَ الْأُسْتَاذُ الْإِمَامُ هَذَا بِقَوْلِهِ: إِنَّ مِنْ شَأْنِ الْعَابِدِ أَنْ يَسْتَقْبِلَ وَجْهَ الْمَعْبُودِ، وَلَمَّا كَانَ سُبْحَانَهُ مُنَزَّهًا عَنِ

نام کتاب : تفسير المنار نویسنده : رشيد رضا، محمد    جلد : 1  صفحه : 357
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست